إبراهيم بن جابر الفقيه : سمعت أبا بكر الصاغاني ـ وذكر الواقدي ـ فقال : والله لو لا أنّه عندي ثقة ما حدّثت عنه ، قد حدّث عنه أبو بكر بن أبي شيبة ، وأبو عبيد ، وغيرهما. ولإبراهيم الحربي شهادة أخرى قال : سمعت مصعب بن عبد الله يقول : الواقدي ثقة مأمون. وسئل معن بن عيسى عن الواقدي ، فقال : أنا أسأل عن الواقدي؟! الواقدي يسأل عنّي! قال الذهبي : وسألت ابن نمير عنه فقال : أما حديثه هاهنا فمستو ، وأما حديث أهل المدينة ، فهم أعلم به. وعن يزيد بن هارون : الواقدي ثقة. الحربي قال : سمعت أبا عبد الله يقول : الواقدي ثقة.
وتجاه ذلك من ضعّفوه : قال يحيى بن معين : أغرب الواقدي على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عشرين ألف حديث. وقال يونس بن عبد الأعلى : قال لي الشافعي : كتب الواقدي كذب. وعن ابن معين : ليس الواقدي بشيء. وقال مرة : لا يكتب حديثه. وعن أحمد بن حنبل : الواقدي كذّاب.
قال الذهبي : وقد تقرر أنّ الواقدي ضعيف ، يحتاج إليه فى الغزوات والتاريخ ، أمّا في الفرائض فلا ينبغي أن يذكر. فهذه الكتب الستة ومسند أحمد ، نراهم يترخّصون في إخراج أحاديث أناس ضعفاء ، بل ومتروكين ، ومع هذا لا يخرجون للواقدي شيئا. قال : مع أنّ وزنه عندي مع ضعفه أنّه يكتب حديثه ويروى ، لأني لا أتّهمه بالوضع ، وقول من أهدر فيه مجازفة من بعض الوجوه (١).
قلت : وهذا المنهج الذي انتهجه الذهبي هو الأرجح في النظر ؛ لأنّ الرجل رجل التاريخ والسير والمغازي ، وليس من رجال الفقه والحديث والتفسير. والعمدة أنه لم يكن ممن يضع وإن خلط الغثّ بالسمين والخرز بالدر الثمين ،
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ، ج ٩ ، ص ٤٥٤ ـ ٤٦٩ ، رقم ١٧٢. وتاريخ بغداد ، ج ٣ ، ص ٣ ـ ٢١. وغيرهما من أمّهات كتب التراجم.