كما يقول القائل : لا يعجبك حال زيد ولا يعجبك حال عمرو.
الثاني : أن يكون الغرض البيان عن قوة هذا المعنى فيما ينبغي أن يحذر منه مع أنه للتذكير في موطنين بعد أحدهما عن الآخر ، فيجب العناية به ، وليس ذلك بقبيح ، لأن الواحد منا يحسن به أن يقوم في مقام بعد مقام ، ويكرر الوعظ والزجر والتخويف ولا يكون ذلك قبيحا (١).
* س ٥٤ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(وَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللهِ وَجاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقالُوا ذَرْنا نَكُنْ مَعَ الْقاعِدِينَ) (٨٦) [سورة التوبة : ٨٦]؟!
الجواب / قال الشيخ الطوسي : بين الله تعالى في هذه الآية أنه إذا أنزل سورة من القرآن على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم (أَنْ آمِنُوا) ومعناه بأن آمنوا فحذفت الباء وجعل (أَنْ آمِنُوا) في موضع نصب والتقدير بالإيمان على وجه الأمر ولا يجوز الحذف مع صريح المصدر ، وإنما جاز مع (أن) للزوم الصلة والحمل على التأويل في اللفظ كما حمل على المعنى.
وهذا خطاب للمؤمنين وأمر لهم بأن يدوموا على الإيمان ويتمسكوا به في مستقبل الأوقات ويدخل فيه المنافق ويتناوله الأمر بأن يستأنف الإيمان ويترك النفاق ثم يجاهدا بعد ذلك بنفوسهم وأموالهم لأنه لا ينفعهم الجهاد مع النفاق.
وقوله (اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطَّوْلِ) معناه أن ذوي الغنى من المنافقين إذا أنزلت السورة يأمرهم فيها بالإيمان والجهاد ويستأذنون النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في القعود والتأخر عنه. مع اعتقادهم بطلان الإسلام فيشد ذلك عليهم ويكون عذابا لهم ـ وهو قول الحسن وابن عباس ـ فإنهما قالا : إنما لحق هؤلاء الذم لأنهم
__________________
(١) التبيان : ج ٥ ، ص ٢٧٣.