أخبر سبحانه أن الذي يفعل هذه الأشياء (رَبُّكُمُ الْحَقُ) الذي خلقكم ، ومعبودكم الذي له معنى الإلهية ويحق له العبادة دون غيره من الأصنام والأوثان.
(فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ) استفهام يراد به التقرير على موضع الحجة ، إذ لا يجد المجيب محيدا عن الإقرار به إلا بذكر ما لا يلتفت إليه. والمراد به ليس بعد الذهاب عن الحق إلا الوقوع في الضلال ، لأنه ليس بينهما واسطة ، فإذا ثبت أن عبادة ما سواه باطل وضلال (فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) أي : فكيف تعدلون عن عبادته مع وضوح الدلالة على أنه لا معبود سواه (كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) معناه : إن الوعيد من الله تعالى للكفار بالنار في الصحة ، كالقول بأنه ليس بعد الحق إلا الضلال. وقيل : إن معناه مثل انصرافهم عن الإيمان ، وجبت العقوبة لهم أي : جازاهم ربهم بمثل ما فعلوا من الانصراف. وهذا في قوم علم الله تعالى أنهم لا يؤمنون ، ومعناه : سبق علم ربك في هؤلاء أنهم لا يؤمنون وقيل معنى قوله : (أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) أو لأنهم لا يؤمنون أي : وجبت العقوبة عليهم لذلك (١).
* س ٢٦ : ما هو معنى قوله تعالى :
(قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) (٣٤) [يونس : ٣٤]؟!
الجواب / قال الشيخ الطبرسي (رحمهالله تعالى) : ثم احتج سبحانه عليهم في التوحيد باحتجاج آخر ، فقال : (قُلْ) يا محمد لهؤلاء المشركين (هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) أي : هل من هذه الأصنام التي
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٥ ، ص ١٨٤ ـ ١٨٥.