إليه : (أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ)(١) فضربه فانفلق البحر ، فمضى موسى وأصحابه حتى قطعوا البحر ، وأدركهم آل فرعون ، فلما نظروا إلى البحر ، قالوا لفرعون : ما تعجب مما ترى؟ قال : أنا فعلت هذا. فمرّوا ومضوا فيه ، فلمّا توسّط فرعون ومن معه ، أمر الله البحر فأطبق عليهم ، فأغرقهم أجمعين ، فلمّا أدرك فرعون الغرق (قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) يقول الله : (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) يقول : كنت من العاصين (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ) ـ قال ـ إنّ قوم فرعون ذهبوا أجمعين في البحر ، فلم ير منهم أحد ، هووا في البحر إلى النار ، وأمّا فرعون فنبذه الله وحده فألقاه بالسّاحل لينظروا إليه وليعرفوه ، ليكون لمن خلفه آية ، ولئلّا يشكّ أحد في هلاكه ، لأنّهم كانوا اتّخذوه ربّا ، فأراهم الله إيّاه جيفة ملقاة بالساحل ، ليكون لمن خلفه عبرة وعظة ، يقول الله : (وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ)(٢).
* س ٥٥ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَلَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (٩٣) [يونس : ٩٣]؟!
الجواب / قال الشيخ الطوسي (رحمهالله تعالى) : قوله : (وَلَقَدْ بَوَّأْنا) أخبار منه تعالى أنه وطأ منزل بني إسرائيل والتبوء توطئة المنزل لصاحبه الذي يأوي إليه ...
وقوله : (مُبَوَّأَ صِدْقٍ) أي منزل صدق أي فيه فضل كفضل الصدق ،
__________________
(١) الشعراء : ٦٣.
(٢) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ٣١٥.