صفة النقص ، والصمم عبارة عن فساد آلة السمع ، ولو كان معنى يضاد السمع لتعاقبا على الحي ، والأمر بخلافه ، لأنه قد ينتفي حال الصمم ولا يكون سامعا ، وكذلك العمى عبارة عن فساد آلة الرؤية ، وليس بمعنى يضاد الإبصار ، لأن الصحيح أن الإدراك أيضا ليس بمعنى ، ولو كان معنى لما وجب أن يكون العمى ضده. لأنه لو كان ضده لعاقبه على حال الحي وكان يجوز أن يحضر المرئي من الأجسام الكثيفة من غير ساتر فلا يرى مع حصول شروط الإدراك لأجل وجود الضد ، وكذلك الصمم ، ولا ضد له لأنه ليس هنا حال يعاقبه على حال مخصوصة كمعاقبة العجز والقدرة على حال الحياة.
وقوله (هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً) وإن كان بصورة الاستفهام فهو لضرب من التوبيخ والتقريع. وقوله (أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ) معناه أفلا تتفكرون في ذلك فتعلموا صحة ما ذكرنا (١).
* س ١٩ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٥) أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (٢٦) فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما نَراكَ إِلاَّ بَشَراً مِثْلَنا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ (٢٧) قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ)(٢٨) [هود : ٢٨ ـ ٢٥]؟!
الجواب / قال الشيخ الطبرسيّ : لما تقدم ذكر الوعد والوعيد ، والترغيب والترهيب ، عقب ذلك سبحانه بذكر أخبار الأنبياء ، تأكيدا لذلك ، وتخويفا
__________________
(١) التبيان : ج ٥ ، ص ٤٦٨.