وأهل البحرين ، وإيلة ، ودومة الجندل ، وله عهود بالصلح والجزية ، ولم ينبذ إليهم بنقض عهد ، ولا حاربهم بعد ، وكانوا أهل ذمة إلى أن مضى لسبيله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ووفى لهم بذلك من بعده ، (ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً) معناه : لم ينقصوكم من شروط العهد شيئا. وقيل : معناه لم يضروكم شيئا ، (وَلَمْ يُظاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً).
أي لم يعاونوا عليكم أيها المؤمنون أحدا من أعدائكم ، (فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ) أي : إلى انقضاء مدتهم التي وقعت المعاهدة بينكم إليها (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) لنقض العهود (١).
* س ٥ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٥) [سورة التوبة : ٥]؟!
الجواب / قال حفص بن غياث ، قال أبو عبد الله عليهالسلام : «يا حفص ، إنّ من صبر صبر قليلا ، ومن جزع جزع قليلا». ثمّ قال : «عليك بالصّبر في جميع أمورك ، فإنّ الله عزوجل بعث محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم فأمره بالصّبر والرّفق ، فقال : (وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ)(٢). وقال تبارك وتعالى : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)(٣) فصبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى نالوه بالعظائم ورموه بها ، فضاق صدره ، فأنزل الله عزوجل : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٥ ، ص ١٢.
(٢) المزمل : ١٠ ، ١١.
(٣) فصّلت : ٣٤ ، ٣٥.