أما وجه اتصال هذه الآية بما قبلها : أنه قال : أكان للناس عجبا؟ قالوا : وكيف لا نعجب ، ولا علم لنا بالمرسل؟ فقال : إن ربكم الله ، ويجوز أن يكون على أنه لما قال أكان للناس عجبا ، وكان هذا حكما على الله سبحانه ، فكأنه قال : أفتحكمون عليه وهو ربكم.
قال الأصم : ويحتمل أن يكون هذا ابتداء خطاب للخلق جميعا ، احتج الله بها على عباده بما بين من بدائع صنعه في السماوات والأرض ، وفي أنفسهم (١).
* س ٥ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (٥) [يونس : ٥]؟!
الجواب / قال أبو ذرّ الغفاري (رحمهالله) : كنت آخذا بيد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ونحن نتماشى جميعا ، فما زلنا ننظر إلى الشّمس حتّى غابت ، فقلت : يا رسول الله ، أين تغيب؟
قال : «في السّماء ، ثمّ ترفع من سماء إلى سماء ، حتّى ترفع إلى السّماء السابعة العليا ، حتى تكون تحت العرش ، فتخرّ ساجدة ، فتسجد معها الملائكة الموكّلون بها ، ثمّ تقول : يا ربّ ، من أين تأمرني أن أطلع ، أمن مشرقي أو من مغربي؟ فذلك قوله عزوجل : (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)(٢) يعني بذلك صنع الربّ العزيز في ملكه ، العليم بخلقه ـ قال ـ فيأتيها جبرائيل عليهالسلام بحلّة ضوء من نور العرش ، على مقدار ساعات
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٥ ، ص ١٥٦.
(٢) يس : ٣٨.