الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ) أي كما لا يستوي الأعمى والبصير ، كذلك لا يستوي المؤمن والكافر ، لأن المؤمن يعمل على بصيره ، ويعبد الله الذي يملك النفع والضر. والكافر يعمل على عمى ، ويعبد من لا يملك النفع والضر.
ثم زاد في الإيضاح ، فقال : (أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ) أي : هل يستوي الكفر والإيمان ، أو الضلالة والهدى ، أو الجهل والعلم (أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ) أي : هل جعل هؤلاء الكفار لله شركاء في العبادة ، خلقوا أفعالا مثل خلق الله تعالى من الأجسام والألوان ، والطعوم والأراييح ، والقدرة والحياة وغير ذلك من الأفعال التي يختص سبحانه بالقدرة عليها (فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ) أي : فاشتبه لذلك عليهم ما الذي خلق الله ، وما الذي خلق الأوثان. فظنوا أن الأوثان تستحق العبادة ، لأن أفعالها مثل أفعال الله. فإذا لم يكن ذلك مشتبها ، إذ كان كله لله تعالى ، لم يبق شبهة أنه الإله لا يستحق العبادة سواه ف (قُلْ) لهم : (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) يستحق به العبادة من أصول النعم وفروعها (وَهُوَ الْواحِدُ) ومعناه أنه يستحق من الصفات ما لا يستحقه غيره ، فهو قديم لذاته ، قادر لذاته ، عالم لذاته ، حي لذاته ، غني لا مثل له ، ولا شبه. وقيل : الواحد هو الذي لا يتجزأ ، ولا يتبعض. وقيل : هو الواحد في الإلهية لا ثاني له في القدم. (الْقَهَّارُ) : الذي يقهر كل قادر سواه ، ولا يمتنع عليه شيء .... (١).
* س ١٤ : ما هو معنى قوله تعالى :
(أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ (١٧)
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٦ ، ص ٢٥ ـ ٢٦.