لأن أكثر الأفعال تكون باليد ، والمراد بذلك : بجنايتكم الكفر والمعاصي (وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) أي : لا يظلم عباده في عقوبتهم من حيث إنه إنما عاقبهم بجناياتهم على قدر استحقاقهم (١).
أقول : وفي هذه الآية دلالة واضحة على بطلان مذهب المجبرة في أنه يخلق الكفر ، ثم يعذب عليه ، وأنه يجوز أن يعذب من غير ذنب ، وأن يأخذ بذنب غيره ، لأن هذا غاية الظلم ، وقد بالغ عز اسمه في نفي الظلم عن نفسه ، بقوله (لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ).
* س ٣٦ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ (٥٢) ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٥٣) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كانُوا ظالِمِينَ) (٥٤) [الأنفال : ٥٢ ـ ٥٤]؟!
الجواب / قال الشيخ الطبرسيّ : ثم بين سبحانه أن حال هؤلاء الكفار كحال الذين من قبلهم ، فقال : (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ) أي : عادة هؤلاء المشركين في الكفر بمحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كعادة آل فرعون (وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) في الكفر بالرسل وما أنزل إليهم. وقيل : معناه عقوبة الله تعالى لهؤلاء الكفار كعقوبته لآل فرعون ، وآل فرعون : أتباعه : والفرق بين آل فرعون ، وأصحاب فرعون أن الأصحاب مأخوذ من الصحبة ، وكثر في الموافقة في المذهب ، كما يقال أصحاب الشافعي ، وأبي حنيفة ، يراد به : الموافقة في المذهب ، ولا يقال آل الشافعي ، إلا لمن يرجعون إليه بالنسب الأوكد الأقرب. (كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ)
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٤ ، ص ٤٧٩.