أعد إعدادا واستعد له استعدادا وهو من العدد ، لأنه قد عد الله جميع ما يحتاج إلى تقديمه له من الأمور ومثله الاتخاذ. والوجه في إعداد ذلك قبل مجيء وقت الجزاء أن تصوره لذلك ادعى إلى الطاعة وأكد في الحرص عليها.
ويحتمل أن يكون المراد أنه سيجعل لهم جنات تجري من تحتها الأنهار غير أنه ترك للظاهر. وقوله (ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) إشارة إلى ما أعده لهم وإخبار منه بأنه الفوز العظيم ، والفوز النجاة من الهلكة إلى حال النعمة. وسميت المهلكة مفازة تفاؤلا بالنجاة وإنما وصفه بالعظيم لأنه حاصل على جهة الدوام (١).
* س ٥٨ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)(٩٠) [سورة التوبة : ٩٠]؟!
الجواب / قال الشيخ الطوسيّ (رحمهالله تعالى) : ومعنى الآية أن قوما من الأعراب جاءوا إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يظهرون أنهم مؤمنون ولم يكن لهم في الإيمان والجهاد نية فيعرفون نفوسهم عليه وغرضهم أن يأذن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لهم في التخلف ، فجعلوا عرضهم أنفسهم عليه عذرا في التخلف عن الجهاد. وقوله (وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) يعني المنافقين ، لأنهم الذين كذبوا الله ورسوله فيما كانوا يظهرون من الإيمان ، فقال الله (سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) أي ينالهم عذاب مؤلم موجع في الآخرة (٢).
__________________
(١) نفس المصدر : ص ٢٧٦ ـ ٢٧٧.
(٢) نفس المصدر السابق : ص ٢٧٨.