* س ٦٣ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ) (١٠١) [سورة التوبة : ١٠١]؟!
الجواب / قال الشيخ الطوسيّ : معنى قوله (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ) من جملة من حولكم يعني حول مدينتكم وحول الشيء المحيط به ، وهو مأخوذ من حال يحول إذا دار بالانقلاب. ومنه المحالة لأنها تدور في المحول. وقوله : (مِنَ الْأَعْرابِ) والأعراب هم الذين يسكنون البادية إذا كانوا مطبوعين على العربية وليس واحدهم عربا ، لأن العرب قد يكونوا حاضرة والأعراب بادية. وقوله (مُنافِقُونَ) معناه من يظهر الإيمان ويبطن الكفر (وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ) أيضا منافقون ، وإنما حذف لدلالة الأول عليه (مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ) يقال : مرد على الشيء يمرد مرودا فهو مارد ومريد إذا عتا وطغى وأعيا خبثا ، ومنه «شيطان مارد ومريد» وقال ابن زيد : معناه أقاموا عليه لم يتوبوا كما تاب غيرهم. وقال ابن إسحاق : معناه لجوا فيه وأبوا غيره. وقال الفراء : معناه مرنوا عليه وتجرءوا عليه وقال الزجاج : فيه تقديم وتأخير والتقدير وممن حولكم من الأعراب منافقون مردوا على النفاق ومن أهل المدينة أيضا مثل ذلك. وأصل المرود الملاسة. ومنه قوله (صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ) أي مملس ومنه الأمرد الذي لا شعر على وجهه ، والمرودة والمرداء الرملة التي لا تنبت شيئا ، والتمراد بيت صغير يتخذ للحمام مملس بالطين ، والمرداء الصخرة الملساء. (لا تَعْلَمُهُمْ) معناه لا تعرفهم يا محمد (نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ) أي نعرفهم.
وقوله (سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ) قيل في معناه أقوال :
أحدهما : يعني في الدنيا وفي القبر. وقال ابن عباس : نعذبهم في الدنيا