في قلوبهم خيرا أخلف عليهم خيرا مما أخذ منهم. وإن عزموا على الخيانة ، ونقض العهد وفعلوا خلاف ما وقع عليه العقد من تأدية فرض الله ، فقد خانوا الله من قبل هذا. والمعنى فقد خانوا أولياء الله ، لأن الله لا يمكن أن يخان ، لأنه عالم بالأشياء كلها لا يخفى عليه خافية. والخيانة ها هنا نقض الطاعة لله ورسوله التي شهدت بها الدلالة.
وقوله : (فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ) المعنى لما خانوا بأن خرجوا إلى بدر وقاتلوا مع المشركين ، فقد أمكن الله منهم بأن غلبوا وأسروا. فإن خانوا ثانيا فيمكن الله منهم مثل ذلك. والإمكان هو القدرة على الشيء مع ارتفاع المانع ، وما لو حرص عليه صاحبه أتم الحرص لم يصح أن يقع منه لا يكون إمكانا ، فالإمكان ينافي المنع والإلجاء كما ينافي العجز القدرة.
وقوله : (وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) : معناه عالم بما تقولونه وما في نفوسكم وبجميع الأشياء (حَكِيمٌ) فيما يفعله. والحكيم هو العالم بوجوه الحكمة في الفعل مما يصرف عن خلافها والأصل في الحكمة المنع فهي تمنع الفعل من الخلل والفساد (١).
* س ٥٢ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (٧٢) [الأنفال : ٧٢]؟!
الجواب / قال علي بن إبراهيم : الحكم في أوّل النبوّة أن المواريث كانت على الأخوة لا على الولادة ، فلما هاجر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى المدينة آخى بين
__________________
(١) التبيان : الشيخ الطوسي ، ج ٥ ، ص ١٦٠ ـ ١٦١.