لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ) (١٨) [سورة الرعد : ١٧ ـ ١٨]؟!
الجواب / قال علي بن إبراهيم : قوله : (أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها) يقول : الكبير على قدر كبره ، والصغير على قدر صغره : (فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ).
ثمّ قال : قول الله : (أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) يقول : أنزل الحقّ من السّماء فاحتملته القلوب بأهوائها ، ذو اليقين على قدر يقينه ، وذو الشكّ على قدر شكّه ، فاحتمل الهوى باطلا كثيرا وجفاء ، فالماء هو الحقّ ، والأودية هي القلوب ، والسيل هو الهوى ، والزّبد هو الباطل ، والحلية والمتاع هو الحقّ ، قال الله : (كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ) فالزّبد وخبث الحديد هو الباطل ، والمتاع والحلية هو الحقّ ، من أصاب الزّبد وخبث الحديد في الدنيا لم ينتفع به ، وكذلك صاحب الباطل يوم القيامة لا ينتفع به ، وأما المتاع والحلية فهو الحقّ ، من أصاب الحلية والمتاع في الدنيا انتفع به ، وكذلك صاحب الحق يوم القيامة ينتفع به ، (كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ)(١).
ثمّ قال أيضا : قوله : (أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً) أي مرتفعا ، (وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ) يعني ما يخرج من الماء من الجواهر وهو مثل ، أي يثبت الحقّ في قلوب المؤمنين ، وفي قلوب الكفّار لا يثبت (كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً) يعني يبطل (وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ
__________________
(١) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ٣٦٢.