فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ) وهذا مثل للمؤمنين والمشركين ، وقال الله عزوجل : (كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ) فالمؤمن إذا سمع الحديث ثبت في قلبه وأجابه وآمن به ، فهو مثل الماء الذي يبقى في الأرض فينبت النّبات ، والذي لا ينتفع به يكون مثل الزّبد الذي تضربه الرياح فيبطل (١).
وقال الطّبرسيّ في (الاحتجاج) : عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، في حديث يذكره في أحوال الكفّار : «وضرب مثلهم بقوله : (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ) فالزّبد في هذا الموضع كلام الملحدين الذين أثبتوه في القرآن ، فهو يضمحل ويبطل ويتلاشى عند التحصيل ، والذي ينفع الناس منه فالتنزيل الحقيقي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، والقلوب تقبله ، والأرض في هذا الموضع هي محلّ العلم وقراره» (٢).
وقال الطّبرسيّ في معنى سوء الحساب ، عن أبي عبد الله عليهالسلام : «هو أن هؤلاء لا يقبل منهم حسنة ، ولا يغفر لهم سيّئة» (٣).
وقال عليّ بن إبراهيم ، في قوله : (وَبِئْسَ الْمِهادُ) قال : يمتهدون (٤) في النار (٥).
__________________
(١) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ٣٦٣.
(٢) الاحتجاج : ٢٤٩.
(٣) مجمع البيان : ج ٦ ، ص ٤٤٢.
(٤) والمهاد : الفراش ، ومهد لنفسه : كسب وعمل ، ومهد لنفسه خيرا ، هيأه وتوطأه والتمهّد : التمكّن.
(٥) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ٣٦٣.