السَّاجِدِينَ)(١) ثمّ كذّبوه ورموه فحزن لذلك ، فأنزل الله عزوجل : (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا)(٢).
فألزم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم نفسه الصّبر ، فتعدّوا ، فذكروا الله تبارك وتعالى وكذّبوه ، فقال : قد صبرت في نفسي وأهلي وعرضي ، ولا صبر لي على ذكر إلهي ، فأنزل الله عزوجل : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ)(٣).
فصبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في جميع أحواله ، ثم بشّر في عزّته بالأئمّة (٤) ووصفوا بالصّبر ، فقال جلّ ثناؤه : (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ)(٥) فعند ذلك قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : الصّبر من الإيمان كالرأس من الجسد ، فشكر الله عزوجل ذلك له ، فأنزل الله عزوجل : (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ)(٦) فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنه بشرى وانتقام ، فأباح الله عزوجل له قتال المشركين ، فأنزل تعالى : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ، وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ)(٧) فقتلهم الله على يدي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه ، وجعل له ثواب صبره مع ما ادّخر له في الآخرة ، فمن صبر واحتسب لم يخرج من الدنيا حتى يقرّ الله له عينه في أعدائه مع ما يدّخر له في الآخرة» (٨).
وقال أبو عبد الله عليهالسلام ، قال : «سأل رجل أبي عليهالسلام عن حروب أمير
__________________
(١) الحجر : ٩٧ ، ٩٨.
(٢) الأنعام : ٣٣ ، ٣٤.
(٣) سورة ق : ٣٨ ، ٣٩.
(٤) في «ط» : ثمّ تصبّر في عترته الأئمّة.
(٥) السجدة : ٢٤.
(٦) الأعراف : ١٣٧.
(٧) البقرة : ١٩١ ، النساء : ٩١.
(٨) الكافي : ج ٢ ، ص ٧١ ، ح ٣.