عليها ، وكلاهما غير لائق بكلامه تعالى جلّ شأنه ، كما لا يخفى ، وذلك (١) لعدم لزوم التطويل ، فيما كان الاتكال على حال أو مقال أتى به لغرض آخر ، ومنع كون الإجمال غير لائق بكلامه تعالى مع كونه مما يتعلق به الغرض ، وإلّا لما وقع المشتبه في كلامه ، وقد أخبر في كتابه الكريم بوقوعه فيه ، قال الله تعالى : (مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ) (٢) ، وربما توهم : وجوب وقوع الاشتراك في اللغات (٣) ، لأجل عدم تناهي المعاني (٤) وتناهي الألفاظ المركبات ، فلا بد من الاشتراك
______________________________________________________
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة : وهي : أن المفروض : إمكان التفهيم بلفظ متحد معناه من دون حاجة إلى استعمال اللفظ المشترك.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول : إن الله تعالى حينما يستعمل اللفظ المشترك إمّا أن يعتمد في بيان المراد منه على القرائن الدالة على ذلك ؛ فيلزم التطويل بلا طائل. وإمّا أن لا يعتمد على شيء في ذلك فيلزم الإهمال والإجمال ، وكلاهما باطل. فيكون استعمال اللفظ المشترك في القرآن باطلا ومستحيلا منه تعالى.
(١) هذا من المصنف «قدسسره» بيان لرد القول بالتفصيل بين القرآن وغيره وحاصله : أنّنا نختار الاعتماد على القرينة ، وما ذكرتم من لزوم التطويل بلا طائل إنما يصح لو كانت القرينة لغرض تعيين المراد من المشترك ، وأمّا لو كانت لغرض آخر ؛ لكن كانت تلك القرينة دالة بالدلالة الالتزامية على المعنى المراد من اللفظ المشترك ؛ فلا يلزم التطويل بلا طائل ، فيكون الدليل أخص من المدعى ؛ لاختصاصه بصورة كون القرينة لتعيين ما هو المراد من المشترك لا لغرض آخر زائد على بيان المراد. هذا أولا.
وثانيا : نختار عدم الاعتماد على القرينة ، وما ذكرتم من لزوم الإجمال ـ وهو غير لائق بكلامه تعالى ـ : إنما يتم لو لم يتعلق الغرض بالإجمال ، وهو قد يتعلق بالإجمال كما أخبر «سبحانه وتعالى» بوقوعه في كلامه عزّ من قائل : (مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ ،) فالمتشابه هو المجمل ، وقد وقع في القرآن الكريم في غير مورد ، ولا مانع منه أصلا إذا تعلق الغرض به ، ودعت الحاجة إلى الإتيان بذلك.
(٢) آل عمران : ٧.
(٣) هذا إشارة إلى القول الثالث وهو وجوب الاشتراك في اللغات ، في مقابل القول بامتناعه.
(٤) هذا تعليل لوجوب الاشتراك في اللغات.
وتوضيح ذلك يتوقف على مقدمة مركبة من أمرين :