إرادة معنى آخر معه كذلك في استعمال واحد. ومع استلزامه (١) للحاظ آخر غير لحاظه كذلك في هذا الحال.
وبالجملة : لا يكاد يمكن في حال استعمال واحد لحاظه وجها لمعنيين ، وفانيا في الاثنين ، إلّا أن يكون اللاحظ أحول العينين (٢).
فانقدح بذلك (٣) : امتناع استعمال اللفظ مطلقا ـ مفردا كان أو غيره ـ في أكثر
______________________________________________________
المعنى الأول على نحو يكون اللفظ فانيا في المعنى الآخر كفنائه في المعنى الأوّل في استعمال واحد؟ أي : لا يمكن ذلك فإن الاستفهام للإنكار.
(١) أي : مع استلزام الاستعمال أي : استعمال اللفظ في المعنى الثاني «للحاظ آخر غير لحاظه» أي : لحاظ اللفظ أولا «كذلك» فانيا ووجها للمعنى الأول «في هذا الحال» أي : في حال وحدة الاستعمال ، فقوله : «ومع استلزامه» بيان وتقريب لاستحالة استعمال اللفظ الواحد في أكثر من معنى.
(٢) أي : لا يمكن جعل اللفظ الواحد وجها لمعنيين ؛ إلّا إن يكون اللاحظ والمستعمل أحول العينين ، لأن الأحوال من يرى الواحد اثنين فيلاحظ كلّا منهما فانيا في معنى.
وقد ذكر المحقق الأصفهاني وجها آخر لامتناع استعمال اللفظ في أكثر من معنى توضيحه : على ما في «منتقى الأصول» : «أن الاستعمال عبارة عن إيجاد المعنى باللفظ بوجود تنزيلي ، بمعنى : أن يكون اللفظ وجودا تنزيليا للمعنى ، وبما أن الإيجاد متحد مع الوجود حقيقة وذاتا ـ وإن اختلف بحسب الاعتبار ـ امتنع استعمال اللفظ في معنيين ؛ إذ يستحيل أن يكون الوجود الواحد إيجادا لكل من المعنيين بنحو يكون إيجادين للمعنيين ، لأنه إذا كان إيجادا لهذا المعنى فقد امتنع أن يكون في نفس الوقت إيجادا آخر للمعنى الآخر». انتهى.
(٣) أي : بما ذكرناه من امتناع إرادة معنيين من لفظ واحد في استعمال واحد. وهذا من المصنف إشارة إلى تفصيل صاحب المعالم في المقام ؛ حيث فصل بين المفرد وغيره بعد القول بجواز استعمال اللفظ الواحد في أكثر من معنى. وقال : إن استعماله فيه بنحو الحقيقة في التثنية والجمع ، وبنحو المجاز في المفرد ، وعلله في المعالم : بأن اللفظ موضوع للمعنى بقيد الوحدة ، فاستعماله في أكثر من معنى فيه إلغاء للقيد المذكور فيكون استعمالا في غير ما وضع له ، ويكون مجازيا بعلاقة الجزء والكل ، إذ اللفظ الموضوع للكل استعمل في الجزء ولا يجيء هذا البيان في غير المفرد ، لأن التثنية والجمع في قوة