أُمَّهاتُكُمْ) إلى قوله تعالى : (وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ) النساء : ٢٣ ، وقول النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» : «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» (١).
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول في تقريب شهادة ما عن الايضاح ـ على دخول مثل الزوج والزوجة في محل النزاع ـ : إنه قد ابتنى بعض الأصحاب حرمة المرضعة الثانية على نزاع المشتق فعلى القول بالأعم : تحرم. وعلى القول بخصوص حال التلبس : لا تحرم وهذا ما أشار إليه بقوله : «وأما المرضعة الأخرى» أي : الثانية «ففي تحريمها خلاف» «فاختار والدي المصنف» ـ أي : العلامة ، لأن الإيضاح شرح على قواعد العلامة وكذا اختار محمد إدريس الحلي في السرائر ـ «تحريمها» على الزوج ، لأن هذه الأخرى يصدق عليها أم زوجته أيضا ، لأنها أرضعت الصغيرة أيضا.
وبعبارة واضحة : أن زوجته الصغيرة قد بطلت زوجيتها بالارتضاع من المرضعة الأولى ، فصارت ابنة الزوجة المدخول بها ، كما أن المرضعة الأولى صارت أمّ الزوجة ، فلا إشكال في تحريمهما على الزوج ؛ إذ كل من ابنة الزوجة وأمّها حرام قطعا. وهذا معنى قوله : «تحرم المرضعة الأولى والصغيرة مع الدخول بالكبيرتين».
وإنما الكلام في المرضعة الثانية حيث إن حرمتها على الزوج مبنيّة على وضع المشتق للأعم ، لأن سبب حرمتها عليه هو صدق أم الزوجة عليها ؛ فعلى القول بوضعه للأعم يصدق عليها أمّ الزوجة فتحرم. وأما على القول بوضعه لخصوص حال التلبس فلا تحرم. إذ لا يصدق عليها أمّ الزوجة ، بل يصدق عليها أمّ من كانت زوجة وقد انقضت زوجيته بالارتضاع من المرضعة الأولى هذا تمام الكلام في الشاهد الأول.
__________________
(١) الكافي ، ج ٥ ، ص ٤٣٧ ، ح ٢ ، ص ٤٤٢ ، ح ٩ ـ ص ٤٤٦ ، ح ١٦ / التهذيب ، ج ٧ ، ح ٥٩ ، ص ٢٩٢ ، ح ٦٠ إلخ. وبألفاظ أخرى مثل : «ما يحرم من القرابة». الكافي ، ج ٥ ، ص ٤٣٧ ، ح ١ / التهذيب ، ح ٧ ، ص ٢٩١ ، ح ٥٨ ـ ص ٢٩٢ ، ح ٦٣. الخ ، وبألفاظ أخرى : المسند المستخرج على صحيح الإمام مسلم ، ج ٤ ، ص ١١٩ ، ح ٣٣٨٤ / المجتبى من سنن النسائي ، ج ٦ ، ص ٩٩ ، ح ٣٣٠١ / سنن ابن ماجة ، ج ١ ، ص ٦٢٣ ، ح ١٩٣٧.
وكذلك ورد بلفظ : «يحرم من الرضاع ما يحرم بالولادة». المسند المستخرج ، ج ٤ ، ص ١١٧ ، ح ٣٣٧٥ / سنن الدارمي ، ج ٢ ، ص ٢٠٧ ، ح ٢٢٤٨ ، وهو عام يدخل غير طاهر المولد ، بخلاف الآخر ؛ وهو : ما يثبت به النسب.