ثانيها (١) : قد عرفت أنه لا وجه لتخصيص النزاع ببعض المشتقات الجارية على
______________________________________________________
٤ ـ لو قيل باختصاص النزاع بالمشتق باصطلاح النحاة ـ كما هو مقتضى الجمود على ظاهر لفظ المشتق ـ فهذا القسم من الجوامد أعني : الزوج والزوجة مثلا داخل في محل النزاع ؛ كما يشهد به ما عن الإيضاح ، ج ٣ ، ص ٥٢ ، وما عن المسالك ، ج ١ ، ص ٢٦٩.
قال في الإيضاح : في باب الرضاع في مسألة من كانت له زوجتان كبيرتان أرضعتا زوجته الصغيرة ما هذا لفظه : (تحرم المرضعة الأولى والصغيرة مع الدخول بإحدى الكبيرتين بالإجماع ، وأما المرضعة الأخرى ففي تحريمها خلاف) بمعنى : أن حرمة المرضعة الثانية مبنية على الخلاف في مسألة المشتق ؛ فإن قلنا بوضعه للأعم فتحرم ، وإن قلنا بوضعه لحال التلبس بالمبدإ فلا تحرم ؛ إذ لا يصدق عليها حينئذ أمّ الزوجة لانقضاء زوجية الصغيرة بارتضاعها من المرضعة الأولى ، قصارت أجنبية حين ارتضاعها عن المرضعة الثانية.
هذا ملخص ما عن الإيضاح وقس عليه ما عن الشهيد في المسالك فلا حاجة إلى ذكره.
(١) الأمر الثاني من الأمور الستة لا بد لنا من تقديمه وإيضاحه ، وقد عرفت في الأمر الأول في تحرير محل النزاع : أن المشتق باصطلاح الأصوليين يعم ويشمل جميع ما يجري على الذات ، ولا وجه لتخصيص النزاع ببعض المشتقات كما توهمه صاحب الفصول ؛ «إلّا إنه ربما يشكل بعدم إمكان جريانه في اسم الزمان».
توضيح الإشكال على دخول اسم الزمان في نزاع المشتق يتوقف على مقدمة وهي : أنه قد عرفت : أن الملاك في كون المشتق داخلا في محل النزاع أن تكون الذات باقية بعد انقضاء المبدأ بأن تكون لها حالتان : حالة التلبس بالمبدإ ، وحالة الانقضاء ؛ كقولنا : «زيد عالم». حيث إن الذات فيه باقية بعد ارتفاع مبدأ العلم عنه فيقال : إن إطلاق العالم على زيد بعد الانقضاء هل هو على نحو الحقيقة أو المجاز.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنه لا يمكن جريان النزاع في اسم الزمان ، لأن الذات فيه ـ وهو الزمان ـ لا يبقى بعد انقضاء المبدأ ، فلا يتصور وجود ذات انقضى عنها التلبس بالمبدإ ، كي يقال : إن اسم الزمان حقيقة فيها أو مجاز.
وذلك للفرق الواضح بين القاتل والمقتل بمعنى زمان القتل حيث إن الذات في الأول هو الشخص ؛ وهو باق بعد انقضاء المبدأ أعني : القتل بخلاف الثاني ؛ فإن الذات فيه هو نفس زمان وقوع القتل وهو ينقضي بانقضاء القتل ويتصرم ، فلا يعقل بقاؤه حتى يقال : إن اطلاق المقتل عليه هل هو على نحو الحقيقة أو على نحو المجاز؟