لا يقال (١) : يمكن أن يكون المراد بالحال في العنوان زمانه ، كما هو الظاهر منه عند إطلاقه ، وادعي أنه الظاهر في المشتقات إما لدعوى الانسباق من الإطلاق ، أو بمعونة قرينة الحكمة.
لأنا نقول (٢) : هذا الانسباق ، وإن كان مما لا ينكر ، إلّا إنهم في هذا العنوان بصدد
______________________________________________________
وحاصل دفع التنافي : أنّ الاتفاق إنما قام على عدم دلالة الاسم على الزمان وضعا لا مطلقا ولو بقرينة ، فلا مانع من قيام قرينة على دلالة الاسم على الزمان ، والاتفاق السابق لا يمنع عن هذه الدلالة فيكون المشتق دالا على الزمان بدال آخر لا بالوضع ، «وكيف لا» أي : كيف لا يكون الدلالة على الزمان بدالّ آخر وهي قرينة ، «وقد اتفقوا على كونه مجازا» في المستقبل ، فلو كان الزمان داخلا في مفهوم المشتق لم يكن للاتفاق على المجازية مجال لمنافاته له.
(١) حاصل الإشكال : أن مرادهم بالحال في عنوان البحث هو : حال النطق المتوسط بين الماضي والمستقبل ، لا حال التلبس. وذلك لأمرين :
الأول : أن الظاهر من لفظ الحال عند إطلاقه ، وعدم تحديده بشيء هو : زمان الحال المساوق لزمان النطق ؛ لا حال التلبس.
الثاني : وهو العمدة : أنه ادعي أن الظاهر من المشتقات هو : زمان الحال إما لدعوى الانسباق من الإطلاق ؛ أي : التبادر الإطلاقي المستند إلى كثرة الاستعمال ؛ في قبال التبادر الحاقّي المستند إلى الوضع.
وإما بمعونة قرينة الحكمة. فإن اللافظ لو أراد من المشتق غير زمان الحال ؛ لكان عليه البيان ، وحيث لم يبين فهو المراد.
(٢) وحاصل الجواب : أن الانسباق المذكور ـ وإن كان مما لا سبيل لإنكاره ـ إلّا إن المقام مقام تعيين ما وضع له المشتق هل إنه خصوص المتلبس بالمبدإ حال النطق ، أو حال الجري ، أو الأعم منه ، ومما انقضى عنه ، والانسباق المزبور ليس أمارة على وضع المشتق لزمان النطق ، فإن مثل هذا التبادر لا يصلح إلّا لتعيين المراد دون تشخيص الموضوع له ؛ الذي هو مورد البحث في مسألة المشتق.
فالتبادر المستند إلى الإطلاق ، أو قرينة الحكمة لا يجدي في إثبات الوضع.
ثم إن المصنف لم يجب عن الأمر الأول ، وكأنه غفل عنه في مقام الجواب ، ووجّه كلامه إلى الأمر الثاني فقط ؛ فقال ما ملخصه : من أن التبادر الإطلاقي يعيّن المراد من المشتق ، وهو أجنبي عن محل الكلام ، ولا يعيّن ما وضع له المشتق الذي هو المطلوب في المقام ، لأن غرضهم في باب المشتق تعيين ما هو حقيقة فيه لا تعيين ما هو ظاهر فيه بالقرينة.