عالم» ؛ يقتضي عدم وجوب إكرام ما انقضى عنه المبدأ قبل الإيجاب ، كما أن قضية الاستصحاب وجوبه لو كان الايجاب قبل الانقضاء.
فإذا عرفت ما تلونا (١) عليك ، فاعلم : أن الأقوال في المسألة وإن كثرت (٢) ، إلّا
______________________________________________________
(١) أي : ما تلونا عليك من الأمور الستة المتقدمة على البحث.
(٢) أي : وإن كثرت وأصبحت ستة ؛ خمسة : باعتبار المبادئ ، وواحد منها باعتبار الأحوال الطارئة في الاستعمال ، وقد أشار إلى الأول بقوله : «لأجل توهم : اختلاف المشتق باختلاف مباديه في المعنى». وإلى الثاني بقوله : «أو بتفاوت ما يعتريه من الأحوال» أي : ما يعرض المشتق من الأحوال والأوصاف ؛ من كونه محكوما عليه كما في قوله تعالى : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ) النور : ٢. وقوله : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) المائدة : ٣٨ ، فيكون حقيقة في الأعم من المتلبس بالمبدإ في الحال ، وممن انقضى عنه المبدأ.
هذا هو القول بالتفصيل بين ما إذا كان المشتق محكوما عليه ، فيكون حقيقة في الأعم كما في الآيتين. وبين ما إذا كان محكوما به نحو «أزيد ضارب عمروا الآن أو غدا؟» ؛ فيكون حقيقة في المتلبس بالمبدإ في الحال.
هذا واحد من الأقوال الستة يكون التفصيل فيه باعتبار الأحوال الطارئة في الاستعمال. وأما الخمسة التي يكون التفصيل فيها باعتبار المبادئ فهي حسب ما يلي :
١ ـ التفصيل بين ما كان المبدأ من المصادر السيالة مثل التكلم والإخبار ، وبين غيره فلا يعتبر بقاء المبدأ في الأوّل ، ويعتبر في الثاني.
٢ ـ التفصيل بين ما كان المبدأ حدوثيا ، كالقيام والقعود ، وبين ما كان ثبوتيا كالملكة والشأنية مثلا. فيعتبر البقاء في الأوّل دون الثاني.
٣ ـ التفصيل بين ما إذا طرأ الضد الوجودي على المحل ، وبين غيره. فيعتبر البقاء في الأول دون الثاني.
٤ ـ التفصيل بين ما كان المشتق مأخوذا من المبادئ اللازمة نحو : «الذاهب» مثلا ، وبين كونه مأخوذا من المبادئ المتعدية نحو : «الضارب» مثلا ، فيعتبر بقاء المبدأ في صدق المشتق حقيقة في الأول دون الثاني.
٥ ـ التفصيل بين ما إذا كان اتصاف الذات أكثريا «كالنائم والآكل» ، وبين ما لم يكن كذلك نحو : «القاتل والضارب» ، فلا يعتبر بقاء المبدأ في صدق المشتق حقيقة في الأول ، ويشترط بقاؤه في صدقه حقيقة في الثاني.