ورجوع البحث فيهما (١) ـ في الحقيقة ـ إلى البحث عن ثبوت السنة بخبر الواحد في مسألة حجية الخبر ـ كما أفيد ـ وبأيّ الخبرين في باب التعارض ، فإنّه أيضا بحث في الحقيقة عن حجية الخبر في هذا الحال (٢) غير مفيد (٣) ، فإن البحث عن ثبوت
______________________________________________________
البحث في هذه المباحث ليس من السنة ، ولا عن سائر الأدلّة. وأمّا عدم كونه عنها فواضح إذ قد عرفت : أنّ البحث في باب التعارض ومسألة حجية خبر الواحد إنّما هو عن حاكي السنة لا عنها.
وليس البحث عن سائر الأدلة ، بل لو كان عن أحوال الأدلة الأربعة لكان عن أحوال السنة لا عن سائر الأدلة.
(١) أي : رجوع البحث في باب التعادل والترجيح ومسألة حجية خبر الواحد إلى البحث عن أحوال السنة وعوارضها الذاتية غير مفيد.
وخلاصة الكلام : أن مرادهم من السنة هو نفس قول المعصوم وفعله وتقريره فلا يكون البحث عن حجية خبر الواحد بحثا عن عوارض السنة ، كما عرفت.
ولكن الشيخ الأنصاري حاول أن يرجع البحث عن حجية خبر الواحد إلى البحث عن أحوال السنة. ومحصل ما أفاده الشيخ «قدسسره» : أنّه يرجع البحث عن حجية خبر الواحد وحجية أحد الخبرين المتعارضين إلى البحث عن عوارض السنة ، لأنّه في الحقيقة بحث عن ثبوت السنة الواقعية بهما كثبوتها بالخبر المتواتر.
(٢) أي : في حال التعارض أي : على كل حال : أنّ ما أفاده الشيخ «قدسسره» أيضا في الحقيقة بحث عن حجية الخبر ، وليس له دخل في السنة أصلا.
(٣) خبر لقوله : «ورجوع البحث» أي : رجوع البحث إلى البحث عن ثبوت السنة غير مفيد في دفع الإشكال ، ووجه عدم الفائدة يتوقف على مقدمة وهي : أن البحث عن ثبوت الموضوع أعني : السنة تارة هو بما هو مفاد كان التامة مثل كان زيد أي : وجد ، وهو موجود ، وكانت السنة أي : السنة موجودة. وأخرى : يكون البحث عن ثبوت الموضوع بما هو مفاد كان الناقصة مثل : كان زيد قائما ، وكانت السنة معتبرة ، أو السنة معتبرة.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول : إنّ البحث عن ثبوت الموضوع مطلقا ليس بحثا عن عوارض السنة ، بل إمّا بحث عن وجود الموضوع وهو ما إذا كان المراد مفاد كان التامة ، لأنّ العوارض مفاد كان الناقصة مثل كانت السنة حجة.
أو بحث عن عوارض الخبر لا السنة وهو : ما إذا كان المراد بالثبوت مفاد كان الناقصة.