لخصوص المتلبس ، وتوضيح ذلك يتوقف على تمهيد مقدمة ، وهي : أن الأوصاف العنوانية التي تؤخذ في موضوعات الأحكام ، تكون على أقسام :
أحدها : أن يكون أخذ العنوان لمجرد الإشارة إلى ما هو في الحقيقة موضوعا للحكم ، لمعهوديته بهذا العنوان ؛ من دون دخل لاتصافه به في الحكم أصلا.
ثانيها : أن يكون لأجل الإشارة إلى علية المبدأ للحكم ؛ مع كفاية مجرد صحة جري المشتق عليه ، ولو فيما مضى.
ثالثها : أن يكون لذلك مع عدم الكفاية ، بل كان الحكم دائرا مدار صحة الجري عليه ، واتصافه به حدوثا وبقاء.
إذا عرفت هذا فنقول : إن الاستدلال بهذا الوجه إنما يتم لو كان أخذ العنوان في الآية الشريفة على النحو الأخير ؛ ضرورة : أنه لو لم يكن المشتق للأعم ، لما تم بعد عدم التلبس بالمبدإ ظاهرا حين التصدي فلا بد أن يكون للأعم ، ليكون حين التصدي حقيقة من الظالمين ؛ ولو انقضى عنهم التلبس بالظلم.
وأما إذا كان على النحو الثاني ، فلا (١) كما لا يخفى ، ولا قرينة على إنه (٢) على
______________________________________________________
يتوقف استدلال الإمام بالآية حينئذ على كون المشتق حقيقة في الأعم ، بل يصح الاستدلال بها على عدم نيل العهد والإمامة ولو بعد انقضاء الظلم وزوال العنوان ، لأن الظلم علة له حدوثا وبقاء ، ومع هذا الاحتمال يسقط الاستدلال بالآية الشريفة على كون المشتق موضوعا للأعم ، إذ لا دليل عقلا ولا نقلا على كون عنوان الظلم في الآية المباركة من قبيل القسم الثالث ، بل جلالة منصب الإمامة تكون قرينة مقامية ، بل قرينة عقلية على كون العنوان من قبيل القسم الثاني ، بمعنى : أن مجرد صدق عنوان الظالم ولو في مدة قليلة يكفي لعدم نيل منصب الإمامة. فالمناسب لمنصب الإمامة أن لا يكون المتقمص بها متلبسا بالظلم أصلا ولو آناً ما.
(١) أي : فلا يتم الاستدلال بالآية الكريمة على وضع المشتق للأعم ، وذلك لعدم توقف استدلال الإمام «عليهالسلام» بها على عدم لياقة هؤلاء للخلافة على وضعه للأعم ؛ إذ المفروض : كون المبدأ وهو الظلم ـ بمجرد حدوثه آناً ما ـ علة لعدم لياقتهم لهذا المنصب الشامخ إلى الأبد ، ومن المعلوم : تسليم الخصم تلبسهم بالظلم قبل الإسلام. والحاصل : على ما في «منتهى الدراية» أن الاستدلال بالآية المباركة على عدم صلاحيتهم للخلافة لا يتوقف على وضع المشتق للأعم ، بل يتم ذلك ولو على القول بوضعه لخصوص المتلبس بالمبدإ.
(٢) أي : لا قرينة على أن العنوان على النحو الأول. المراد بالنحو الأول هو النحو