والمتحرك بالإرادة في الحيوان ، وعليه (١) : فلا بأس بأخذ مفهوم الشيء في مثل الناطق ، فإنه وإن كان عرضا عاما ، لا فصلا مقوما للإنسان ، إلّا إنه بعد تقييده بالنطق واتصافه به كان من أظهر خواصه.
وبالجملة (٢) : لا يلزم من أخذ مفهوم الشيء في معنى المشتق إلّا دخول العرض في الخاصة ؛ التي هي من العرضي (٣) ، لا في الفصل الحقيقي الذي هو من الذاتي ، فتدبر جيدا (٤).
ثم قال (٥) : «إنه يمكن أن يختار الوجه الثاني أيضا ، ويجاب (٦) : بأن المحمول ليس
______________________________________________________
(١) أي : بناء على أن الناطق ليس فصلا حقيقيا «فلا بأس بأخذ مفهوم الشيء في مثل الناطق» ؛ وذلك لجواز أخذ العرض العام في الخاصة على ما عرفت ، لأن مفهوم الشيء وإن كان عرضا عاما للإنسان وغيره ؛ «إلّا إنه بعد تقييده بالنطق» يكون معنى الإنسان ناطق ـ الإنسان شيء له النطق ـ فيصير من أظهر خواص الإنسان ؛ لأن الشيء المقيد بالنطق ليس إلّا الإنسان.
(٢) أي : أن نقول في الجواب عن الشق الأول من إشكال الشريف : أنه لا يلزم من أخذ مفهوم الشيء في معنى المشتق إلّا دخول العرض العام في الخاصة ، ولا محذور فيه.
(٣) المراد بالعرضي في المقام هو ما يقابل الذاتي كالجنس والفصل ؛ لا العرضي بالمعنى الذي أراده في بحث المشتق وهو عبارة عن الأمر الاعتباري الانتزاعي.
(٤) قوله : «فتدبر جيدا» إشارة إلى حاجة المطلب المذكور إلى الدقة.
(٥) أي : قال صاحب الفصول ، ص ٦١ ، س ٣٧ : يعني أجاب في الفصول عن كلا شقي الإشكال ، وقد تقدم ما أجاب به عن الشق الأول ، ولما فرغ عن جواب الشق الأول شرع في الجواب عن الشق الثاني حيث «قال : إنه يمكن أن يختار الوجه الثاني» وهو أخذ مصداق الشيء في مفهوم المشتق أيضا أي : مثل أخذ مفهومه في مفهومه.
(٦) أي : يجاب عن إشكال الانقلاب بعدم لزومه ؛ أي : لا يلزم انقلاب مادة الإمكان الخاص إلى الضرورة ، لأن المحمول في مثل قولك : «الإنسان كاتب» ليس هو الإنسان مطلقا أي : ليس مصداق الكاتب هو الإنسان بلا قيد ؛ حتى يكون معنى «الإنسان كاتب» هو الإنسان إنسان فتكون ضرورية ؛ بل المحمول هو الإنسان المقيد بالكتابة ، فكأنه قيل : الإنسان إنسان له الكتابة. ومن المعلوم : أن ثبوت الإنسان المقيد بوصف ممكن الثبوت للإنسان ليس ضروريا ، فإن النتيجة تتبع أخسّ المقدمات ـ على ما في علم الميزان ـ فإذا كان القيد ممكن الثبوت كان ثبوت المقيد به أيضا ممكن الثبوت ،