الثالث :
ملاك الحمل ـ كما أشرنا إليه (١) ـ هو الهوهوية والاتحاد من وجه ، والمغايرة من وجه آخر كما يكون بين المشتقات والذوات (٢) ، ولا يعتبر معه (٣) ملاحظة التركيب بين المتغايرين واعتبار كون مجموعهما بما هو كذلك واحدا ، بل يكون لحاظ ذلك (٤) مخلا لاستلزامه (٥) المغايرة بالجزئية والكلية. ومن الواضح : أن ملاك الحمل لحاظ
______________________________________________________
ملاك الحمل
(١) إشارة إلى ملاك الحمل في الأمر الثاني حيث قال : «وملاك الحمل والجري إنما هو نحو من الاتحاد والهوهوية» أي : يعتبر في الحمل الاتحاد بين الموضوع والمحمول من وجه ، والتغاير من وجه آخر. فلا يصح الحمل مع الاتحاد من جميع الجهات ، ولا مع التغاير كذلك ؛ إذ على الأول يلزم حمل الشيء على نفسه ، وعلى الثاني يلزم حمل المباين على المباين ، فلا بد في الحمل من الاتحاد من وجه والتغاير من وجه آخر ، سواء كان الحمل أوليا ذاتيا ، أو شائعا صناعيا. غاية الأمر : إن كان الاتحاد بين الموضوع والمحمول من حيث المفهوم يسمى الحمل بالأولى الذاتي ، وإن كان الاتحاد في الوجود والتغاير في المفهوم يسمى الحمل بالشائع الصناعي. هذا ملخص الكلام في ملاك الحمل.
(٢) أي : كما هو الحال في المشتقات والذوات كقولنا : «الإنسان عالم» مثلا حيث يكون ملاك الحمل هو التغاير من حيث المفهوم والاتحاد من حيث الوجود والمصداق.
(٣) أي : لا يعتبر مع ثبوت ملاك الحمل وهو التغاير من جهة والاتحاد من جهة أخرى «ملاحظة التركيب بين المتغايرين» ؛ بأن يجعل كل واحد من الموضوع والمحمول جزء مركب ، ثم اعتبار كون مجموعهما بما هو كذلك واحدا اعتباريا بل ملاحظة التركيب بين المتغايرين مخلّ بالحمل ، لأن لحاظ التركيب الذي ادعاه صاحب الفصول مستلزم للجزئية ؛ إذ حينئذ كل من الموضوع والمحمول جزء للمركب ، والمجموع كل. ومن البديهي : عدم صحة حمل أحد جزئي المركب على الآخر.
(٤) أي : كون التركيب مخلّا بالحمل كما عرفت.
(٥) أي : لاستلزام التركيب المغايرة بين أجزاء المركب والمجموع «بالجزئية والكلية» ؛ بمعنى : أن كل واحد جزء ، والمجموع كلّ.