ويؤيده (١) قوله تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) (٢).
وقوله صلىاللهعليهوآله (٣) : «لو لا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك» (*) ،
______________________________________________________
(١) هذا من أدلة القائلين بكون الأمر حقيقة في الوجوب بتقريب : أن الله تعالى حذر مخالف الأمر ، والتحذير يدل على الوجوب ؛ إذ لا معنى لندب الحذر أو إباحته.
لا يقال : أن الآية إنما دلت على أن مخالف الأمر مأمور بالحذر ، ولا يدل على وجوبه إلّا بفرض وتقدير كون الأمر للوجوب وهو عين المتنازع فيه.
فإنه يقال : إن هذا الأمر للإيجاب والإلزام قطعا ؛ إذ لا معنى لندب الحذر عن العذاب أو إباحته ، ومع التنزّل «عن كونه للوجوب» فلا أقل من دلالته على حسن الحذر عن مخالفة الأمر ، ومن المعلوم : أن حسنه موقوف على ثبوت المقتضي له ، وإلّا لكان الحذر عنه سفها وعبثا ، وذلك محال على الله تعالى ، وإذا ثبت المقتضى له ثبت أن الأمر للوجوب ، لأن المقتضي للعذاب هو مخالفة الواجب لا المندوب ، ثم إن وجه كون الآية مؤيّدة لا دليلا : أن غاية ما يستفاد منها هو إطلاق الأمر على الوجوب ، واستعماله فيه ، والاستعمال أعم من الحقيقة ؛ بل ربما يقال : إن فهم الوجوب هنا بقرينة مادة الحذر.
وكيف كان ؛ فالآية لا تكون من أدلة الوجوب.
(٢) سورة النور آية : ٨٣.
(٣) هذا ثاني أدلة القائلين بكون الأمر حقيقة في الوجوب ؛ بتقريب : أن في الأمر مشقة ، ولا مشقة في الندب والاستحباب ، فهذا قرينة على كون الأمر في «لأمرتهم» للوجوب.
وكيف كان ؛ فمعناه : إنه لم يأمرنا بالسواك ، فلا بد من كون هذا الأمر للوجوب بعد فرض صدور الأمر الاستحبابي بالسواك منه «صلىاللهعليهوآله».
وأما وجه عدم كونه دليلا : فلأن غاية ما يدل عليه الحديث هو استعمال الأمر في الوجوب ، وهو أعم من الحقيقة كما عرفت غير مرة ؛ مع أن فهم الوجوب منه إنما هو
__________________
(*) علل الشرائع ، ص ٢٩٣ ، ح ١ / المحاسن ، ص ٥٦١ ، ح ٩٤٦ / غوالي اللآلي ، ج ٢ ، ص ٢١ ، ح ٤٣ / المنتقى لابن الجارود ، ج ١ ، ص ٢٧ ، ح ٦٣ ، بلفظ : «عند كل وضوء».
وبلفظ : «عند كل صلاة» وشبهها في صحيح البخاري ، ج ١ ، ص ٣٠٣ ، ح ٨٤٧ / صحيح ابن حبان ، ج ٣ ، ص ٣٥٢ ، ح ١٠٦٩ / مجمع الزوائد ، ج ٢ ، ص ٩٦ / سنن البيهقي الكبرى ، ج ١ ، ص ٣٥ ، ح ١٤٣. إلخ.