تستعمل إلّا في إنشاء الطلب ، إلّا إن الداعي إلى ذلك كما يكون تارة : هو البعث والتحريك نحو المطلوب الواقعي ، يكون أخرى : أحد هذه الأمور ، كما لا يخفى.
قصارى (١) ما يمكن أن يدعى : أن تكون الصيغة موضوعة لإنشاء الطلب ؛ فيما إذا
______________________________________________________
المعاني من قبيل الدواعي ؛ بمعنى : أن الصيغة قد استعملت في إنشاء الطلب في جميع الموارد المذكورة ، ولكن الداعي للإنشاء هي تلك المعاني ؛ بمعنى : أن الداعي إلى الانشاء «تارة» : يكون هو البعث والتحريك نحو المطلوب الواقعي وهو الذي ينصرف إليه إطلاق الصيغة على ما عرفت.
«وأخرى» : يكون الداعي أحد الأمور المتقدمة ، وعليه : فالصيغة لم تستعمل إلّا في معنى واحد وهو إنشاء الطلب ، وتلك المعاني دواع للإنشاء وأجنبية عن مدلول الصيغة ، فلا تستعمل الصيغة في التهديد والتعجيز وغيرهما أصلا. نعم ؛ ينشأ الطلب بداعي التهديد أو التعجيز أو الترجي أو التمني أو الإهانة أو غيرها من المعاني المتقدمة ، فادعاء أن للصيغة معان قد استعملت فيها واضح البطلان.
فصيغة الأمر وضعت للطلب الإنشائي ، وتستعمل فيه دائما بدواع مختلفة متعددة ، ومن الواضح : أن اختلاف الدواعي لا يوجب تعددا في مدلول صيغة الأمر ، ولا مجازا فيها.
(١) أي : قد عرفت : أن معنى الصيغة هو إنشاء الطلب فقط ، وأما سائر المعاني فهي دواعي له ولا يختلف باختلاف الدواعي ، نعم ؛ غاية ما يمكن أن يقال في هذا المقام : إن الصيغة قد وضعت لإنشاء الطلب لكن لا مطلقا حتى يكون استعمالها في جميع المعاني المذكورة على نحو الحقيقة ؛ بل فيما إذا كان استعمالها بداعي البعث والتحريك نحو المطلوب ؛ لا ما إذا استعملت بداع آخر من الدواعي المذكورة ، ولازم ذلك : أن يكون إنشاء الطلب بالصيغة لأجل البعث والتحريك للمكلف نحو المطلوب على نحو الحقيقة ، وأن يكون إنشاؤه بها لأجل التهديد والإنذار وغيرهما على نحو المجاز ، وهذا غير استعمالها في التهديد والإنذار وغيرهما كاستعمال اللفظ في المعنى.
وكيف كان ؛ فإن قيل بوضعها لإنشاء الطلب بداعي البعث والتحريك على نحو يكون الداعي المذكور قيدا للموضوع له ؛ بحيث لو استعملت في إنشاء الطلب لا بداعي البعث والتحريك بل بداعي التهديد والتحقير وغيرهما تكون مجازا ، لأنها استعملت حينئذ في غير الموضوع له من باب الوضع للمقيد الخاص والاستعمال في غيره.
إلّا أن يقال : إنه قد مرّ في باب الوضع : امتناع دخل ما هو من شئون الاستعمال في الموضوع له ؛ بحيث يكون المعنى في مقام الوضع مقيدا به ، ومن البديهي : أن الغرض