كان بداعي البعث والتحريك ، لا بداع آخر منها ، فيكون إنشاء الطلب بها بعثا حقيقة ، وإنشاؤه بها تهديدا مجازا ، وهذا غير كونها مستعملة في التهديد وغيره ، فلا تغفل.
______________________________________________________
الداعي إلى استعماله الصيغة في إنشاء الطلب يكون من شئون الاستعمال ، فيمتنع دخله في المعنى الموضوع له ، بل المعنى واحد مطلقا سواء كان الداعي هو البعث أم التهديد أم غيرهما ، وعليه : فيكون استعمال الصيغة في إنشاء الطلب بأيّ داع كان على نحو الحقيقة.
نعم ؛ لا بأس بدعوى ظهور الإنشاء في كونه بداعي البعث والتحريك ؛ بحيث يحمل اللفظ عليه عند التجرد عن القرينة الدالة على أن الإنشاء بداع آخر.
فالمتحصل مما ذكرناه : أن الحق عند المصنف هو : كون الصيغة موضوعة لإنشاء الطلب واستعمالها فيه حقيقة وإن لم يكن بداعي البعث والتحريك. وأما على ما ذكره بعض علماء الأصول من أن لصيغة الأمر تلك المعاني قد استعملت فيها فهناك احتمالات ، بل أقوال :
١ ـ أن يكون استعمال الصيغة على نحو الحقيقة في الكل.
٢ ـ أن يكون استعمالها على نحو المجاز كذلك.
٣ ـ أن يكون على نحو الاشتراك المعنوي في الكل.
٤ ـ أن يكون على نحو الاشتراك اللفظي كذلك.
٥ ـ أن يكون استعمالها على نحو الاشتراك المعنوي واللفظي في البعض الآخر.
٦ ـ أن يكون استعمالها على نحو الحقيقة في البعض والمجاز في البعض الآخر.
ولكن الظاهر من الذين ذكروا هذه المعاني لصيغة الأمر : أنها ليست موضوعة لهذه المعاني لغة ؛ وذلك لنزاعهم الآتي في المبحث الثاني حيث قالوا : هل صيغة الأمر «حقيقة في الوجوب أو في الندب أو فيهما ، أو في المشترك بينهما وجوه : بل أقوال» ، فإن الظاهر من هذا النزاع هو : المفروغية من عدم كونها حقيقة في التمني والترجي والتهديد وأخواتها المتقدمة ، وإنما هي مستعملة فيها مجازا ، فهي حقيقة في واحد من المعاني ، ومجازا في البواقي.
إلّا إن المصنف كما عرفت أنكر استعمالها فيها رأسا فلم تستعمل فيها ولو مجازا حيث قال : «هذا كما ترى» ؛ أي : استعمال الصيغة في هذه المعاني كما ترى غير مستقيم. هذا تمام الكلام في صيغة الأمر.
وأما حال سائر الصيغ الإنشائية سواء كانت طلبية أم كانت غيرها كحالها ، لأن