وقوعها. الظاهر : الأول (١) ، بل تكون أظهر من الصيغة ، ولكنه لا يخفى (٢) : إنه ليست الجمل الخبرية الواقعة في ذلك المقام ـ أي : الطلب ـ مستعملة في غير معناها ،
بل تكون مستعملة فيه (٣) ، إلّا إنه ليس بداعي الإعلام ، بل بداعي البعث بنحو آكد ؛ حيث إنه أخبر بوقوع مطلوبه في مقام طلبه ، إظهارا بأنه لا يرضى إلّا بوقوعه ، فيكون آكد في البعث من الصيغة ؛ كما هو الحال في الصيغ الإنشائية (٤) ، على ما عرفت ؛ من : أنها أبدا تستعمل في معانيها الايقاعية لكن بدواعي أخر ، كما مر (٥).
لا يقال (٦) : كيف؟ ويلزم الكذب كثيرا ؛ لكثرة عدم وقوع المطلوب كذلك في الخارج ، تعالى الله وأولياؤه عن ذلك علوا كبيرا.
______________________________________________________
(١) أي : هو ظهور الجملة في الوجوب ؛ وذلك لانسباق الوجوب من الإطلاق عند تعذّر الحقيقة.
(٢) هذا الكلام إشارة إلى المقام الأول ؛ إلّا إنه أخره عن المقام الثاني كما عرفت في بيان محل النزاع.
وكيف كان ؛ فالجمل الخبرية الواردة في مقام الطلب لم تستعمل في غير معناها عند المصنف ؛ بل استعملت في معناها. غاية الأمر : بداعي البعث لا بداعي الإخبار والإعلام.
(٣) أي : في معناها الحقيقي وهو ثبوت النسبة.
(٤) أي : المستعملة لغير داعي معناها الأصلي ؛ كالاستفهام المستعمل لغير داعي الفهم مثلا.
وحاصل الكلام في المقام : أنه كما أن الصيغ الانشائية تستعمل دائما في معانيها الإيقاعية لدواع مختلفة ؛ غير وجودها الواقعي ، كإنشاء الاستفهام لا بداعي طلب العلم ورفع الجهل ؛ بل بداعي التقرير أو غيره ، ولا يكون في البين مجاز ، كذلك الجمل الخبرية فإنها تستعمل في معانيها لا بداعي الإعلام ؛ بل بداعي البعث وتحريك المخاطب إلى المطلوب ، وإعلان عدم الرضا بتركه من دون لزوم مجاز أصلا.
(٥) كما مر تفصيل ذلك في الإيقاظ.
(٦) لا يقال : كيف يجوز الإخبار بوقوع المطلوب في مقام الطلب؟ ـ كما هو ظاهر قول المصنف «حيث إنه أخبر بوقوع مطلوبه في مقام طلبه» ـ والحال أنه يلزم الكذب كثيرا ؛ وذلك «لكثرة عدم وقوع المطلوب كذلك» أي : بالطلب التشريعي في الخارج.
وخلاصة الكلام : أنه بناء على أن الجمل الخبرية الواقعة في مقام الطلب مستعملة في معناها الخبري يلزم الكذب ؛ لعدم وقوع المخبر عنه بتلك الجمل في الخارج غالبا ؛ لعصيان الفساق غير المبالين بالأحكام الشرعية ، فلا بد حينئذ من الالتزام باستعمالها في الإنشاء دون الإخبار لئلا يلزم الكذب.