التأكيد أبلغ ، فإنه (١) مقال بمقتضى الحال هذا مع إنه (٢) إذا أتى بها في مقام البيان ، فمقدمات الحكمة مقتضية لحملها على الوجوب ، فإن تلك النكتة (٣) إن تكن موجبة
______________________________________________________
على كون الجمل الخبرية إخبارا بداعي الطلب لا بداعي الإعلام : أن يكون الطلب بالجمل الخبرية أبلغ من الطلب بالصيغ الإنشائية ، إذ كون المتكلم في مقام الإيجاب يقتضي التأكيد ، ثم الجملة الخبرية في مقام الطلب تفيد التأكيد ، فتكون مطابقة لمقتضى الحال فتكون أبلغ.
(١) أي قوله : «فإنه مقال ...» إلخ بيان لوجه الأبلغية ، وملخصه : أنه لمّا كان المتكلم في مقام البعث ، فالمناسب له هو الإتيان بما يؤكده ، وحيث إن الإخبار بوقوع المطلوب من لوازم شدة الطلب ؛ التي لا يزاحمها شيء من موانع التأثير في وجوب المطلوب ؛ لدلالة الإخبار بالوقوع على إرادة إيجاده ؛ بحيث لا يرضى بتركه ، ولذا أخبر بوجوده ، وأتى بالجملة الخبرية.
فدلالتها على الطلب تكون من باب الكناية التي هي استعمال اللفظ في المعنى بداعي إلى لازمه أو ملزومه ؛ حيث ان الاخبار بالوقوع بداعي الطلب من لوازم البعث والإرادة. فمدلول الجملة الخبرية هو : الإخبار بالوقوع الذي هو لازم شدة الطلب ، فيكون الانتقال من اللازم إلى الملزوم ، وعليه : فلم تستعمل الجملة الخبرية المقصود بها الإنشاء في نفس الإنشاء ؛ حتى يلزم مجاز في الكلمة أو الكلام كما عن بعض ؛ مثل «منتهى الدراية».
(٢) هذا استدلال على دلالة الجملة الخبرية على الوجوب بمقدمات الحكمة ؛ وهي : كون المتكلم الحكيم في مقام بيان تمام المراد ، وعدم نصب قرينة على غير الوجوب ، وعدم كونه متيقن الإرادة ، فهذه المقدمات تقتضي حملها على الوجوب ، إذ المفروض في المقام هو : كون المتكلم في مقام البيان لا في مقام الإجمال أو الإهمال ، ولم ينصب قرينة على الندب ، فلا بد من حملها على الوجوب ؛ لأن إرادة غيره نقض للغرض بخلاف إرادة الوجوب ؛ فإن النكتة المزبورة أعني : شدة مناسبة الإخبار بالوقوع موجبة لظهور الجملة فيه ، أو لتيقنه منها.
فتحصل من جميع ما ذكرناه : الاستدلال على دلالة الجملة على الوجوب بوجوه :
الأول : ما أشار إليه بقوله : الظاهر الأول أي : المتبادر منها هو الوجوب الثاني : ما أشار إليه بقوله : «بل بداعي البعث بنحو آكد». وقوله : «فيكون الطلب بالخبر في مقام التأكيد أبلغ».
الثالث : مقدمات الحكمة.
(٣) أي : الإخبار بالوقوع ، أو صيانة الكلام عن الكذب أولا موجبة لظهور الجملة