بدون قصد القربة أو لا؟ فلا بد من الرجوع فيما شك في تعبديته وتوصليته إلى الأصل.
لا بد في تحقيق ذلك من تمهيد مقدمات :
إحداها : الوجوب التوصلي (١) : هو ما كان الغرض منه يحصل بمجرد حصول
______________________________________________________
بدونها أم لا يقتضي توصليته كما لا يقتضي تعبديته؟ بل لا بد من الرجوع إلى الأصول العملية من البراءة والاشتغال حسب ما يقتضيه المقام. وتحقيق المقام يتوقف على بيان أمور ، وتمهيد مقدمات ثلاث.
كما أشار إليه بقوله : «لا بد في تحقيق ذلك من تمهيد مقدمات». قوله هذا متفرع على عدم الإطلاق المحقق لعدم الدليل ؛ الذي هو موضوع للرجوع إلى الأصل العملي ، والمراد به هنا ليس إلّا البراءة أو الاشتغال.
(١) أي : التوصلي هو الوصف بحال المتعلق وهو الواجب ، لا بحال نفس الموصوف وهو الوجوب ، وذلك لأن التعبدية والتوصلية ناشئتان من الملاكات الداعية إلى التشريع ، فإن كان الملاك القائم بالواجب ـ بناء على ما عليه مشهور العدلية من قيام المصالح والمفاسد بمتعلقات التكاليف ـ بمثابة يحصل بمجرد وجود الواجب ولو بداع غير قربي ، فالواجب توصلي ، وإلّا فتعبدي ، فالفرق بينهما إنما هو في الغرض القائم بالواجب ، وأما الغرض من نفس الوجوب فهو واحد في التعبدي والتوصلي ؛ وهو دعوة المكلف إلى إيجاد المادة ونقض عدمها المحمولي بوجودها كذلك.
فالوجوب التوصلي لا يغاير التعبدي أصلا. ومن هنا يعلم : أن التعبدية من قيود المادة ، فالإطلاق المبحوث عنه راجع إلى المادة لا الهيئة ، فجعل هذا البحث من أبحاث الصيغة لا يخلو من المسامحة ؛ كما في «منتهى الدراية ، ج ١ ، ص ٤٥٧».
وكيف كان ؛ فقد وقع الكلام في بيان ما هو المراد من التوصلي والتعبدي فقيل : إن الوجوب التوصلي ما يحصل الغرض منه بمجرد حصول الواجب ، ويسقط الأمر بمجرد وجوده ، بخلاف التعبدي ؛ فإن الغرض منه لا يكاد يحصل بذلك ، بل لا بد في سقوطه وحصول الغرض منه من الإتيان به بقصد القربة. هذا ما أشار إليه المصنف «قدسسره» ، وهو أحد تعريفات الوجوب التوصلي وأسدّها.
وقيل : بأن الواجب التعبدي : ما شرع الإتيان به بنحو العبادة وللتعبد به ، ويقابله التوصلي وهو : ما شرع لغرض حصوله بذاته لا بعنوان العبادة.
وقيل : بأن التعبدي : ما اعتبر فيه قصد القربة ، والتوصلي : ما لم يعتبر فيه قصد القربة.
وذكر الإمام الخوئي «قدسسره» للتعبدي معنى آخر وهو : ما لا يسقط به الأمر إلّا