امتثال أمر» ، وكان مما يغفل عنه غالبا العامة ؛ كان على الآمر بيانه ونصب قرينة على دخله واقعا ، وإلّا لأخلّ بما هو همه وغرضه.
أما إذا لم ينصّب دلالة على دخله ، كشف عن عدم دخله ، وبذلك يمكن القطع بعدم دخل الوجه والتمييز في الطاعة بالعبادة ؛ حيث ليس منهما عين ولا أثر في الأخبار والآثار ، وكانا مما يغفل عنه العامة ، وإن احتمل اعتباره بعض الخاصة (١) فتدبر جيدا (٢).
ثم إنه لا أظنك أن تتوهم (٣) وتقول : إن أدلة البراءة الشرعية مقتضية لعدم
______________________________________________________
(١) أي : السيد الأجل علم الهدى «قدسسره» على ما في بعض الشروح.
(٢) أي : فتدبر جيدا حتى تعرف ما تغفل عنه عما لا تغفل عنه. فقوله : «فتدبر جيدا» إشارة إلى التحقيق لا إلى التمريض ؛ وذلك أولا : أن لفظ فتدبر ظاهر في التحقيق. وثانيا : أن لفظ جيد ظاهر فيه أيضا.
(٣) أي : يمكن أن يتوهم المتوهم في هذا المقام فيقول : إن مقتضى حكم العقل في الشك في تعبدية الواجب وتوصليته ، وإن كان هو الرجوع إلى قاعدة الاشتغال ؛ إلّا إن أدلة البراءة الشرعية حاكمة على الاشتغال العقلي ؛ لأن مثل : «رفع ما لا يعلمون» (١) و «الناس في سعة ما لا يعلمون» (٢) و «ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم» (٣) وغيرها ؛ «مقتضية لعدم الاعتبار» ، فلا يلزم الإتيان بمشكوك الاعتبار وترفع احتمال العقاب الذي ينشأ من حكم العقل ، فلا يبقى موضوع لحكم العقل بالاشتغال دفعا لاحتمال العقاب ـ وذلك لعدم احتمال العقاب بعد جريان البراءة الشرعية ـ إذ لا مانع من جريان البراءة الشرعية في المقام نظير الشك في جزئية شيء أو في شرطيته
__________________
(١) التوحيد ، ص ٣٥٣ ، ج ٤ / تحف العقول ، ص ٥٠ / الوسائل ، ج ٥ ، ص ٣٦٩. في حديث «رفع عن أمتي تسعة : الخطأ والنسيان ، وما أكرهوا عليها ، وما لا يطيقون ، وما اضطروا إليه ، والحسد ، والطيرة ، والتفكر في الوسوسة في الخلق ، ما لم ينطق بشفة.
وفي الاختصاص ، ص ٣١ ، عن أبي عبد الله «عليهالسلام» : «رفع عن أمتي ستة ... إلى قوله : وما اضطروا إليه».
وفي كشف الخفاء ، ج ١ ، ص ٥٢٢ ، ح ١٣٩٣ : «رفع الله عن هذه الأمة ثلاثا : الخطأ ، والنسيان ، والأمر يكرهون عليه».
(٢) في غوالي اللآلي ، ج ١ ، ص ٤٠٤ ، ح ١٠٩ : «إن الناس في سعة ما لم يعلموا».
(٣) الوسائل ، ج ٢٧ ، ص ١٦٣ ، باب ١٢.