في كل ما شك دخله في الطاعة والخروج به عن العهدة ، مما لا يمكن اعتباره في المأمور به كالوجه والتمييز.
نعم (١) ؛ يمكن أن يقال : إن كل ما ربما يحتمل بدوا دخله في الامتثال «في نسخة :
______________________________________________________
وذلك لتأخره عن الأمر وتولده منه ، فيمتنع دخله فيما قبل الأمر ؛ من دون فرق بين قصد امتثال الأمر أو قصد الوجه والتمييز ، فكما إنه إذا شك في واجب أنه تعبدي أو توصلي فلا مجال إلّا لأصالة الاشتغال ، فكذلك إذا شك في اعتبار الوجه والتمييز في العبادات ، فلا مجال إلّا لأصالة الاشتغال.
(١) هذا استدراك عما سبق ؛ من كون الأصل في جميع قيود المأمور به الناشئة من أمر المولى كقصد القربة ، وقصد الوجه والتمييز هو الاحتياط.
وحاصل الاستدراك هو : التفصيل بين تلك القيود في وجوب الاحتياط ؛ بمعنى : أن ما يحتمل دخله في كيفية الإطاعة كان على قسمين :
الأول : أن يكون مما يغفل عنه عامة الناس غالبا نحو : قصد الوجه وقصد التمييز.
والثاني : أن يكون مما يلتفت إليه عامة الناس ولا يغفلون عنه.
فإن كان من القسم الأول : فلا محيص عن بيانه في مقام التشريع وفي مقام الإثبات ؛ إذ ليس هنا ارتكاز يعتمد عليه الشارع في مقام البيان ، فلو لم يبيّنه ولم ينصب قرينة على دخله في غرضه واقعا لأخلّ بما هو همه وغرضه ، وهو قبيح لا يصدر من المولى الحكيم ، فعدم البيان كاشف كشفا إنيّا عن عدم دخله في الغرض ، وعن عدم كونه محصلا للغرض ، فلا يكون الشك حينئذ شكّا في المحصل حتى يرجع إلى الاحتياط ، فلا يرجع إلى الاحتياط ؛ بل يرجع إلى البراءة بمقتضى الإطلاق المقامي.
وأما لو كان من القسم الثاني : لوجب الاحتياط ، لصحة اعتماد المتكلم على التفات عامة الناس إليه وتنبههم له ، فيجب مراعاة المشكوك دخله في الغرض ؛ لعدم تمامية عدم البيان المتوقف عليه الإطلاق المقامي ، إذ المفروض : كون التفات العامة بيانا.
وخلاصة الكلام في التفصيل : أن مرجعية الاحتياط في القيود الدخيلة في الإطاعة المتأخرة عن الأمر تختص بالقسم الثاني الذي لا يغفل عنه العامة ، وأما في غيره ـ وهو القسم الذي يغفل عامة الناس عنه ـ فيرجع إلى الإطلاق ؛ القاضي بعدم وجوب الاحتياط لتمامية مقدماته التي منها عدم البيان على دخل المشكوك فيه.
ومن هنا يتجه التمسك بالأخبار البيانية كصحيحة حماد المبيّنة لأجزاء الصلاة وشرائطها ، فإن سكوتها عن بيان دخل ما شك في دخله في الغرض ، مع كونه مما يغفل عنه العامة دليل على عدم دخله فيه.