.................................................................................................
______________________________________________________
وأما إذا أخذ جزءا فلا محالة ينحل الأمر إلى أمرين أو أكثر بقدر عدد الأجزاء ، فللصلاة حينئذ أمر ضمنيّ ويتمكن المكلف من إتيانها بداعي هذا الأمر الضمني.
قلت : أولا : يمتنع اعتبار قصد القربة جزءا للواجب ؛ لاستلزامه التكليف بغير المقدور وبأمر غير اختياري ؛ لأن قصد امتثال الأمر عبارة عن إرادة الفعل عن أمره ؛ بحيث يكون الداعي إلى الإرادة ذلك الأمر. ثم نفس الإرادة ليست اختيارية حتى يصح أن تقع في حيز الأمر ؛ إذ لو كانت اختيارية لكانت متوقفة على إرادة أخرى ، فيلزم تسلسل الإرادات ؛ وعليه : فلا يمكن أن يكون قصد القربة دخيلا على نحو الجزئية للمأمور به ؛ حتى يقال بانحلال الأمر إلى أمرين ضمنيين.
وثانيا : أن لازم ذلك أن يكون الأمر داعيا إلى نفسه ؛ لأن المفروض : وحدة الأمر ، فإذا كان الواجب مركبا من أجزاء ، وكان من جملتها الإتيان بداعي الأمر ؛ فالأمر بالكل هو بعينه أمر بالجزء فيلزم أن يكون الأمر داعيا إلى نفسه وهو مستحيل للزوم توقف الشيء على نفسه.
٦ ـ إن قلت : إن ما تقدم من لزوم المحذور إنما يصح فيما إذا كان اعتبار قصد الامتثال في المأمور بأمر واحد ، وأما إذا كان بأمرين ـ بمعنى : أن يكون هناك أمر متعلق بذات الصلاة مثلا ، وأمر آخر يتعلق بإتيانها بداعي أمرها الأول ـ فلا يلزم المحذور أصلا ؛ لا الدور ، ولا عدم القدرة على الامتثال.
وحاصل ما أفاد المصنف في الجواب : منع تعدد الأمر صغرى وكبرى.
أما صغرى : فلأننا نعلم بعدم تعدد الأمر أصلا.
وأمّا كبرى : فلعدم الحاجة إلى تعدد الأمر ؛ وذلك لأن الأمر في المقام لا يخلو عن أحد احتمالين.
أحدهما : حصول الغرض الداعي إليه بمجرد إتيان متعلقه ، بدون قصد الامتثال بأن يكون متعلقه واجبا توصليا.
وثانيها : بقاء الغرض على حاله ، وعدم حصوله بإتيان الفعل مجردا عن قصد الامتثال ؛ بأن يكون تعبديا ، فعلى الاحتمال الأول : يسقط الأمر بمجرد الإتيان بالفعل ولو بغير بداعي أمره ، فلا يبقى مجال لموافقة الأمر الثاني فيكون لغوا.
وأما على الاحتمال الثاني : فلا حاجة إلى الأمر الثاني المولوي شرعا ؛ وذلك لكفاية حكم العقل بذلك ، فإنه يستقل بإتيان المأمور به على وجه يحصل القطع بحصول