.................................................................................................
______________________________________________________
متعلق التكليف شرعا ؛ لاستلزمه الدور ، أو التكليف بغير المقدور ، فهو مما يعتبر عقلا في حصول الطاعة ، ويستحيل اعتباره شرعا للمحذور المذكور.
٣ ـ توهم اعتبار التقرب بالمعنى الأول شرعا ؛ من دون لزوم الدور أو التكليف بغير المقدور ، بمعنى : أن الدور يتوقف على وجود المتعلق خارجا ، فيقال : إنه لا حاجة في التقرب بمعنى : قصد امتثال الأمر إلى وجود المتعلق خارجا ؛ حتى يلزم الدور ، بل يكفي وجوده تصورا ، وحينئذ لا يلزم الدور ؛ إذ يمكن أن يتصور الآمر موضوع الحكم أعني : الصلاة المقيدة بداعي طبيعة الأمر ، ثم يأمر به.
ولا محذور في دخل قصد القربة في المتعلق ؛ لأن تصور الآمر الطبيعة الكلية المقيدة بامتثال أمرها لا يتوقف على وجود الأمر في الخارج حتى يلزم الدور.
هذا خلاصة تقريب التوهم ، وقد أجاب عنه بقوله : «واضح الفساد» أي : التوهم المذكور واضح الفساد ؛ ضرورة : أن ما ذكره المتوهم من أن الآمر يتصور الصلاة مقيدة بداعي الأمر وإن كان بمكان من الإمكان ؛ إلّا إنه يمنع الإتيان بها بداعي أمرها ؛ وذلك لعدم الأمر بالصلاة فقط ، فإن الأمر ـ حسب الفرض ـ تعلق بالصلاة مقيدة بداعي الأمر لا بذات الصلاة. ومن البديهي : أن الأمر لا يدعو إلى ما تعلق به ـ وهو الصلاة المقيدة بداعي الأمر ـ ولا يدعو إلى غيره ـ وهو ذات الصلاة ـ دون داعي الأمر ؛ لأن الصلاة دون داعي الأمر غير واجبة على الفرض.
٤ ـ إن قلت : ـ في دفع محذور عدم القدرة على الامتثال ـ إن الأمر إذا تعلق بالمقيد ينحل إلى أمرين ضمنيين ؛ أحدهما : تعلق بالذات التي كانت معروضة للتقييد.
وثانيهما : تعلق بالتقييد وهو داعي الأمر ، فحينئذ يتمكن المكلف من إتيان الصلاة بداعي أمرها الضمني ، فاندفع به إشكال تعذر الامتثال إلى الأبد.
«قلت : كلا». وحاصل الجواب : أن انحلال الأمر إلى أمرين ضمنيين إنما هو في الأجزاء الخارجية ، لا في الأجزاء التحليلية والمقام من قبيل الثاني ، فإن الأجزاء التحليلية لا تتصف بالوجوب لعدم وجود لها في الخارج ، فلا ينحل الأمر بالمقيد إلى أمرين حتى يصح إتيان المقيد بداعي أمره الضمني.
٥ ـ إن قلت : إن عدم الانحلال إلى أمرين ضمنيين إنما يتم فيما إذا أخذ قصد القربة شرطا ، حيث يكون الشرط من الأجزاء التحليلية العقلية.