ضرورة (١) : أن المصدر ليس مادة لسائر المشتقات ، بل هو (٢) صيغة مثلها ، كيف (٣)؟ وقد عرفت في باب المشتق : مباينة المصدر وسائر المشتقات بحسب المعنى (٤) ، فكيف بمعناه يكون مادة لها (٥)؟ فعليه (٦) : يمكن دعوى اعتبار المرة أو
______________________________________________________
في باب المشتق من إبائه عن الحمل ؛ بخلاف المشتق فإنه غير آب عن الحمل ، فكيف يكون المصدر بما له من المعنى مادة لسائر المشتقات مع إنه مباين لها؟
فالمصدر بهيئته ومادته أحد المشتقات ؛ إذ للهيئة المصدرية دخل في المعنى ، فحينئذ يمكن تصوير النزاع في دلالة الصيغة على المرة والتكرار في ناحية المادة كناحية الهيئة ، فلا معنى لقول الفصول باختصاص النزاع في هيئة صيغة الأمر. قوله : «لا يوجب» خبر ـ إن ـ في قوله : «إن الاتفاق» ، وردّ لكلام الفصول ؛ وقد عرفت ذلك.
(١) هذا تعليل لقوله : «لا يوجب الاتفاق».
(٢) أي : بل المصدر صيغة برأسها مثل المشتقات ، فله مادة وهيئة كالمشتقات.
(٣) أي : كيف يعقل أن يكون المصدر مادة للمشتقات؟ والحال : أن معناه مباين لمعنى المشتق كما عرفت ، ومع المباينة كيف يصح أن يكون مادة للمشتقات؟ أي : لا يصح ذلك.
(٤) أي : معنى المشتق اعتبر على نحو اللابشرط ، ومعنى المصدر اعتبر على نحو بشرط لا ، والمباينة بينهما أظهر من الشمس ؛ حيث إن اللابشرطية مقوّمة لمعنى المشتق ، وبشرط اللائية مقوّمة لمفهوم المصدر.
(٥) أي : فكيف يكون المصدر بمعناه المتباين على نحو البشرط اللائي مادة للمشتقات؟
(٦) أي : فبناء على ما ذكر ـ من عدم كون المصدر مادة للمشتقات ـ يمكن اعتبار المرة والتكرار في مادة الصيغة لا في هيئتها ، فلا معنى لما زعمه صاحب الفصول من اختصاص النزاع بالهيئة ، بل يمكن أن يقال : إن النزاع في المرة والتكرار يختص بمادة الصيغة على عكس ما زعمه صاحب الفصول.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : أن صيغة الأمر مشتملة على الجهتين وهما الهيئة والمادة ، ومفاد الهيئة هو : الحكم المتعلق بالمادة أعني : المأمور به ، فإذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن الحكم وكل ما يكون من خصوصيات الحكم لا بد من أن يكون الدال عليهما الهيئة ، وكل ما يكون من خصوصيات المأمور به لا بد من أن يكون الدال عليها المادة. ومن المعلوم : أن المرة والتكرار هما من خصوصيات المأمور به ؛ لأن المرة والتكرار عبارة عن كمية الفعل المأمور به من حيث الكثرة والقلة ، ولازم ذلك : أنه لا بد أن يكون