هذا المبحث تتمة للمبحث الآتي ؛ من أن الأمر هل يتعلق بالطبيعة أو بالفرد؟. فيقال عند ذلك وعلى تقدير تعلقه بالفرد : هل يقتضى التعلق بالفرد الواحد أو المتعدد ، أو لا يقتضي شيئا منهما؟ ولم يحتج إلى إفراد كل منهما بالبحث كما فعلوه ، وأما لو أريد بها (١) الدفعة ، فلا علقة بين المسألتين ـ كما لا يخفى ؛
______________________________________________________
وحاصل كلام الفصول في المقام : أنه استدل على ما استظهره بوجهين :
الأول : ظهور المرة والتكرار في الدفعة والدفعات وهذا ما أشار إليه بقوله : «وإن كان لفظهما ظاهرا في المعنى الأول» أي : في الدفعة.
الثاني : أن كل مسألة لا بد من أن تجري على جميع تقادير المسألة الأخرى ؛ بأن يكون بينهما عموم من وجه ، وبين الدفعة والمسألة الآتية كذلك ؛ إذ كل من القائل بالدفعة والدفعات يمكن أن يقول بتعلق الأوامر بالطبيعة وبالفرد وبالعكس ، وليس كذلك لو كان المراد من هذه المسألة الفرد ؛ إذ على تقدير أن يقال في هذه المسألة بالفرد ؛ لا يمكن أن يقال في المسألة الآتية بالطبيعة.
هذا ما أشار إليه بقوله : «وتوهم أنه لو أريد بالمرة الفرد ...» إلخ.
وحاصل هذا التوهم من الفصول : أنه ـ بناء على إرادة الفرد من المرة ـ يلزم جعل هذا البحث تتمة للمبحث الآتي من أن الأمر متعلق بالطبيعة أو الفرد ؛ بأن يقال : إنه على القول بتعلق الأمر بالفرد هل تدل صيغة الأمر على كون المطلوب فردا واحدا أم أفرادا متعددة؟ ومنشأ هذا التوهم هو : وحدة العنوان أعني : الفرد في المسألتين ، وظهور كونه في كلتيهما بمعنى واحد ، وهو ما يقابل الطبيعة ، كما في «منتهى الدراية ، ج ١ ، ص ٥٠٧».
(١) أي : وأما لو أريد بالمرة الدفعة «فلا علقة بين المسألتين» أي : مسألة المرة والتكرار ، ومسألة تعلق الأوامر بالطبائع أو الأفراد.
ووجه عدم العلقة بينهما بحيث يصحّح تعدد البحث هو : أنه بناء على إرادة الدفعة والدفعات من المرة والتكرار يجري هذا البحث على كلا القولين في تلك المسألة ؛ بأن يقال بناء على تعلق الأمر بالطبيعة : هل تقتضي الصيغة مطلوبية الطبيعة دفعة أو دفعات ، وفي وقت أو أوقات؟ وعلى القول بتعلقه بالفرد : هل تقتضي الصيغة اعتبار الدفعة في مطلوبية الفرد أو الدفعات في مطلوبية الأفراد ، أم لا تقتضي شيئا منهما؟
وهذا بخلاف تفسير المرة بالفرد ؛ فإنه لا يكون تتمة لتلك المسألة ؛ بناء على تعلق الأمر بالطبيعة ، إذ لا يصح أن يقال حينئذ : هل الصيغة تدل على مطلوبية الفرد أو