.................................................................................................
______________________________________________________
فأمّا على الأول : فلا بد من الرجوع إلى الأصل العملي وهو أصالة البراءة ، ومقتضاها : كفاية المرة لعدم وجوب الزائد.
وأما على الثاني : فلا إشكال في الاكتفاء بالمرة لصدق الطبيعة عليها ، وإنما الإشكال في الإتيان بها ثانيا وثالثا ، وهكذا وجه الإشكال من سقوط الأمر بالطبيعة بالإتيان بها مرة.
ومن أن المفروض : كون إطلاق الصيغة في مقام البيان ، فيجوز الإتيان بالطبيعة ثانيا وثالثا نظرا إلى الإطلاق.
ولكن ناقش المصنف في إطلاق الصيغة بقوله : «والتحقيق».
وملخص ما أفاده المصنف في ردّ الإطلاق هو : أن مقتضى الإطلاق هو جواز الإتيان في ضمن فرد أو أفراد مرة واحدة لا جواز الإتيان بها مرة ومرات ؛ إذ مع الإتيان بها مرة يحصل الامتثال ، ويسقط به الأمر ؛ فيما إذا كان امتثال الأمر علة تامة لحصول الغرض الأقصى ، وأما إذا لم يكن الامتثال علة تامة فلا يبعد صحة تبديل الامتثال بإتيان آخر.
٦ ـ مختار المصنف ورأيه في المبحث الثامن :
١ ـ أن محل النزاع لا يختص بالمرة والتكرار بمعنى : الدفعة والدفعات ؛ بل يجري فيما إذا كان المراد من المرة والتكرار الفرد والأفراد ، فالنزاع يجري في المرة والتكرار بكلا المعنيين.
٢ ـ أن صيغة الأمر لا تدل على المرة ولا على التكرار ؛ بل تفيد طلب إيجاد نفس الطبيعة المأمور بها.
٣ ـ رأي المصنف في الامتثال بعد الامتثال هو :
التفصيل بين ما إذا كان الامتثال الأول علة تامة لحصول الغرض الأقصى ، وبين ما إذا لم يكن علة تامة له.
فعلى الأول : لا يجوز الامتثال بعد الامتثال ؛ وذلك لحصول الغرض الأقصى ؛ المستلزم لسقوط الأمر.
وأما على الثاني ـ : أي : ما إذا لم يكن الامتثال علة تامة لحصول الغرض الأقصى ـ فلا يبعد صحة تبديل الامتثال بالامتثال الآخر ؛ بأن يأتي المكلف بفرد آخر أحسن من الفرد الأول أو مطلقا أي : وإن كان الفرد الثاني مساويا للفرد الأول أو الأدون منه. هذا تمام الكلام في خلاصة المبحث الثامن.