.................................................................................................
______________________________________________________
فحينئذ يمكن تصوير النزاع في دلالة الصيغة على المرة والتكرار في ناحية المادة ، كما يجوز في ناحية الهيئة ، فلا معنى لما ذهب إليه صاحب الفصول من اختصاص النزاع بالهيئة.
٣ ـ دفع الإشكال المتفرع على إنكار كون المصدر مادة للمشتقات بتقريب : أن هذا الإنكار ينافي ما اشتهر بين أهل العربية من : أن المصدر أصل في الكلام ؛ إذ معنى كون المصدر أصلا في الكلام أنه مادة لجميع ما يتركب منه من المشتقات.
وحاصل الدفع : أولا : هو عدم تسالمهم على ذلك ؛ لذهاب الكوفيين إلى : أن الأصل في الكلام هو الفعل ، فكون المصدر أصلا في الكلام ليس أمرا اتفاقيا ؛ بل هو محل الخلاف.
وثانيا : ـ وهو العمدة في الجواب ـ أن المراد بكون المصدر أصلا ليس كونه مشتقا منه ومادة للمشتقات ، بل معناه : أن الواضع وضع المصدر أولا ، ثم وضع غيره مما يناسبه مادة ومعنى قياسا عليه ، فالأصل هنا بمعنى : جعله المقيس عليه لسائر المشتقات.
٤ ـ المراد بالمرة والتكرار : يمكن أن يكون بمعنى : الدفعة والدفعات أو الفرد والأفراد ، يقول المصنف : إنهما بكلا المعنيين يمكن أن يقعا محل النزاع.
وتوهم صاحب الفصول : بأن المراد بالمرة لو كان بمعنى الفرد ؛ لكان المناسب جعل هذا المبحث تتمة للمبحث الآتي : ـ وهو تعلق الأمر بالفرد أو بالطبيعة ـ بأن يقال : إنه على القول بتعلق الأمر بالفرد هل صيغة الأمر تدل على كون المطلوب فردا واحدا أم أفرادا متعددة؟ فاسد أي : توهم الفصول فاسد.
توضيح ذلك : أن الأوامر على القول بتعلقها بالطبائع إنما يتعلق بها باعتبار وجودها ، فيجري النزاع على كلا القولين ، فجعل هذا النزاع من تتمة المبحث الآتي ليس في محله.
٥ ـ تنبيه : لا إشكال في تحقق الامتثال بإتيان المأمور به مرة على القول بالمرة ، فلا مجال للإتيان به ثانيا على أن يكون امتثالا بعد الامتثال ، وكذلك لا إشكال في الإتيان ثانيا وثالثا على القول بالتكرار ؛ لصدق الامتثال على الجميع على هذا القول.
وأما على ما هو مختار المصنف من دلالة الأمر على طلب إيجاد نفس الطبيعة ؛ فلا يخلو الحال من أحد وجهين : إمّا أن لا يكون هناك إطلاق الصيغة في مقام البيان ؛ بل كان في مقام الإهمال والإجمال. وإمّا أن يكون إطلاقها مسوقا للبيان.