مع لزوم (١) كثرة تخصيصه في المستحبات وكثير من الواجبات بل أكثرها (٢) ، فلا بد (٣) من حمل الصيغة فيهما على خصوص الندب أو مطلق الطلب ، ولا يبعد (٤) دعوى استقلال العقل بحسن المسارعة والاستباق.
______________________________________________________
الأوقعية المزبورة مطلقا لاختلاف الناس ، حيث أن بعضهم يتحرك وينبعث نحو الواجبات خوفا من العقاب ، وبعضهم يتحرك نحوها طمعا في الثواب.
(١) هذا إشارة إلى الوجه الثاني من الوجوه التي أجاب بها المصنف عن الاستدلال بآيتي المسارعة والاستباق.
وحاصل هذا الوجه : أنه بناء على دلالة الآيتين على وجوب الفور يلزم تخصيص الأكثر ؛ وذلك لخروج المستحبات جميعا ، وكثير من الواجبات عن ذلك ، فيبقى قليل من الواجبات تحتهما ، وهذا مستهجن عند أبناء المحاورة ، فلا بد حينئذ من رفع اليد عن ظاهر الآيتين في الوجوب والالتزام فيهما بأحد أمرين :
الأول : حمل صيغتي الأمر فيهما على الندب.
الثاني : حملهما على مطلق الطلب والرجحان.
(٢) أي : أكثر الواجبات ؛ لأن أكثر الواجبات موسعة يجوز التأخير فيها إلى أن يضيق الوقت كما في الظهرين والعشاءين وغيرهما من الواجبات الموسعة ، وأما في الواجبات المضيقة : فلا يصدق الفور ؛ لأن المفروض فيها : مساواة الوقت للفعل ، فلا يصدق الاستباق والمسارعة فيما إذا أتى بالواجب في وقته المضيق ، وإنما يتحقق الاستباق والمسارعة في الواجب الموسع إذا أتى به في أول الوقت.
(٣) أي : فلا بد ـ فرارا عن محذور لزوم الاستهجان ـ «من حمل الصيغة فيهما» أي : في الآيتين على خصوص الندب أو مطلق الطلب.
وبالجملة : أن الأمر بالمسارعة والاستباق إن كان للوجوب ـ كما هو مدعى الشيخ الطوسي لزم كثرة التخصيص ، وهو مستهجن لخروج جميع المستحبات وكثير من الواجبات عن الآيتين لأجل عدم وجوب المسارعة فيها بالإجماع ، فلا بد من حمل الأمر فيهما على مطلق الرجحان الشامل للوجوب والاستحباب ، ولازم ذلك : أن المسارعة واجب في الواجب الفوري ، ومستحب في المستحبات كلا ، ومستحب في الواجب غير الفوري.
(٤) هذا هو الوجه الثالث من الوجوه التي أجاب بها المصنف «قدسسره» عن الاستدلال بآيتي المسارعة والاستباق على وجوب الفور.
وحاصل هذا الوجه : هو حمل الأمر بالمسارعة والاستباق في الآيتين على الإرشاد