وفيه (١) منع ، ضرورة : أن سياق آية (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) ، وكذا آية (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ) إنما هو البعث نحو المسارعة إلى المغفرة ، والاستسباق إلى الخير ؛ من دون استتباع تركهما (٢) للغضب والشر ، ضرورة : أن تركهما (٣) لو كان مستتبعا للغضب والشر كان البعث بالتحذير عنهما (٤) أنسب كما لا يخفى فافهم (٥).
______________________________________________________
ـ غير مقدورة للمكلف فلا محالة تكون كناية عن سببها كما هو في المعالم (٢) ، فذكر المسبب وأريد به السبب ، فكأنه قيل : سارعوا إلى سبب المغفرة وهو الإتيان بالمأمور به ، ثم إنما يتحقق المسارعة بإتيانه فورا.
(١) أي : فيما ذكر من دلالة الآيات على وجوب الفور منع ظاهر ، وقد أجاب المصنف عن الاستدلال بآيتي المسارعة والاستباق بوجوه :
الأول : ما أشار إليه بقوله : «وفيه منع ضرورة ...» إلخ ، وحاصله : أن سياق الآيتين الشريفتين هو البعث والتحريك إلى المسارعة والاستباق على نحو الاستحباب ؛ من دون أن يستتبع تركهما الغضب والشر.
وبعبارة أخرى : منع دلالتهما على الوجوب ، إذ لو كان كذلك لكان ترك المسارعة والاستباق موجبا للغضب والشر ، والأنسب حينئذ البعث والتحريك بالتحذير عن تركهما ؛ لأن التحذير يكون أشد تأثيرا في تحرك المكلف إلى المسارعة والاستباق لا البعث والتحريك إلى فعل المسارعة والاستباق كما هو سياق الآيتين المباركتين ، كما لا يخفى.
(٢) أي : المسارعة والاستباق.
(٣) أي : المسارعة والاستباق.
(٤) أي : عن الغضب والشر على ما قيل ، وكان الأولى حينئذ أن يقال : احذروا من الغضب والشر بالمسارعة والاستباق ، ويحتمل أن يكون الضمير في «عنهما» راجعا إلى ترك المسارعة والاستباق ، فكان الأنسب إفراد الضمير كأن يقول : «كان البعث بالتحذير عنه» أي : عن تركهما. وكيف كان ؛ ففي العبارة مسامحة واضحة.
(٥) لعله إشارة إلى أن أوقعية التوعيد بالعذاب الحاصل بالتحذير على ترك الواجب في إحداث الداعي للعبد لا تختص بالمقام ، بل تجري في جميع الواجبات ، مع إنه ليس الأمر فيها كذلك للبعث على فعلها بدون التوعيد بالعقاب على تركها ، أو إشارة إلى منع
__________________
(١) البقرة : ١٤٨ ، المائدة : ٤٨.
(٢) معالم الدين ، ص ٨٠.