.................................................................................................
______________________________________________________
الثانية : أنه إذا قام الأمر الظاهري من أصل أو أمارة على إثبات واجب ، ثم انكشف الخلاف ، وأن الواجب كان أمرا آخر غير ما قام عليه الأصل أو الأمارة ؛ فهل يجزي المأتي به عن المأمور به الواقعي أم لا؟
فقد أشار إلى الناحية الأولى بقوله : «إن ما كان منه يجري في تنقيح ما هو موضوع التكليف ...» إلخ ، وإلى الثانية بقوله الآتي : «وأما ما يجري في إثبات أصل التكليف ...» إلخ.
وبعد هذا نقول : إن البحث يقع في إجزاء الحكم الظاهري أعم من ثبوته بأصل أو أمارة ، وأعم من كون انكشاف خلافه بأمارة ظنية أو بعلم وجداني ، وفي المسألة أقوال كثيرة تركنا ذكرها رعاية للاختصار ، إذ ليس من المهم ذكر تلك الأقوال ، وإنما المهم بيان ما يحتمل من وجوه الإجزاء.
وقد ذهب المصنف «قدسسره» إلى الإجزاء في بعض الأصول دون الأمارات ؛ إذا كان اعتبارها بنحو الطريقية.
وخلاصة الكلام فيما أفاده المصنف «قدسسره» ؛ من التفصيل بين بعض الأصول والأمارات في المقام من إجزاء بعض الأصول دون الأمارات إذا كان اعتبارها بنحو الطريقة.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : بيان الفرق بينهما من حيث مفاد دليلهما ؛ وهو : أن مفاد دليل الحكم الظاهري ومؤداه في بعض الأصول هو جعل الحكم حقيقة ، وبعبارة أخرى : يكون مفاد دليله إنشاء الحكم حقيقة كإنشاء الطهارة والحلية المستفادتين من مثل قوله «عليهالسلام» : «كل شيء لك حلال حتى تعلم أنه حرام» (١) ، و «كل شيء نظيف حتى تعلم أنه قذر» (٢) ، حيث إن المستفاد من الرواية الأولى : قاعدة الحلية ، ومن الثانية : قاعدة الطهارة ، وهما ـ كاستصحاب الطهارة والحلية ـ متكفلان لتنقيح ما هو موضوع التكليف.
هذا بخلاف مفاد دليل الحكم الظاهري في الأمارات الشرعية ؛ حيث يكون مؤدى دليله ثبوت الحكم واقعا ، والحكاية عن وجوده كذلك.
__________________
(١) الكافي ، ج ٥ ، ص ٣١٣ ، ح ٤٠ / التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٢٦ ، ح ٩ / الوسائل ، ج ١٧ ، باب ٤ ، ص ٨٩.
(٢) التهذيب ، ج ١ ، ص ٢٨٥ ، ح ١١٩ / الوسائل ، ج ٣ ، باب ٣٧ ، ص ٤٦٧.