والتحقيق : أن ما كان منه يجري في تنقيح ما هو موضوع التكليف وتحقيق متعلقه ، وكان بلسان تحقق ما هو شرطه أو شطره كقاعدة الطهارة أو الحلية ، بل واستصحابهما في وجه قوي ، ونحوها بالنسبة إلى كل ما اشترط بالطهارة أو الحلية يجزي ، فإن دليله يكون حاكما على دليل الاشتراط ومبينا لدائرة الشرط ، وأنه أعم من الطهارة الواقعية والظاهرية ، فانكشاف الخلاف فيه لا يكون موجبا لانكشاف فقدان العمل لشرطه ، بل بالنسبة إليه يكون من قبيل ارتفاعه من حين ارتفاع الجهل ، وهذا بخلاف ما كان منها بلسان أنه ما هو الشرط واقعا ، كما هو لسان الأمارات ، فلا يجزي ، فإن دليل حجيته حيث كان بلسان أنه واجد لما هو شرطه الواقعي ، فبارتفاع الجهل ينكشف أنه لم يكن كذلك ، بل كان لشرطه فاقدا.
______________________________________________________
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن الحكم الظاهري إن كان من القسم الأول كان مجزيا ؛ لأن لسان الأصول هو إنشاء شرط من الطهارة والحلية في ظرف الشك ، ولازم هذا الإنشاء والجعل هو : كون الشرط أعم من الطهارة والحلية الواقعيتين والظاهريتين ، فتكون الأصول حاكمة على أدلة الشرائط ، مثل : «لا صلاة إلّا بطهور» الظاهر في اعتبار الطهارة الواقعية في الصلاة ، لأن مثله لا يتكفل لصورة الشك في الطهارة ؛ بخلاف الأصل فإنه متكفل لها ، فيكون ناظرا إلى دليل الشرطية ، وهذا هو معنى الحكومة ، فمقتضى أدلة الأوامر الظاهرية هو : كون الصلاة الفاقدة لشرط أو جزء في حال الشك ؛ مثل الصلاة الواجدة للشرط أو للجزء.
هذا بخلاف ما إذا كان الحكم الظاهري من القسم الثاني أي : بأن يكون مفاد دليله ثبوت الحكم واقعا ، والحكاية عن وجوده كذلك ـ كما هو مفاد الأمارات الشرعية إذا كان اعتبارها بنحو الطريقية كما هو الأقوى عند المصنف «قدسسره» ـ فلا يجزي ؛ لأن مفاد الأمارات ثبوت الواقع لا توسعة دائرة الشرط. وهذا ما أشار إليه بقوله : «وهذا بخلاف ما كان منها» أي : من الأوامر الظاهرية «بلسان أنه ما هو الشرط واقعا ، كما هو لسان الأمارات فلا يجزي» أي : يجب الإتيان بالعمل ثانيا أداء أو قضاء ، لأن مفاد الدليل : أن العمل واجد للشرط واقعا ، وبعد انكشاف الخلاف يظهر أن العمل كان فاقدا للشرط واقعا ، فلم ينعقد العمل صحيحا حتى لا يجب تداركه ، فيجب التدارك والإتيان به ثانيا. هذا هو معنى عدم الإجزاء.
قوله : «فإن دليله يكون حاكما ...» إلخ تعليل للإجزاء. والمراد بدليل الاشتراط مثل : «لا صلاة إلا بطهور».