وأمّا إطلاقه وإرادة شخصه ، كما إذا قيل : «زيد لفظ» وأريد منه شخص نفسه (١) ، ففي صحته بدون تأويل (٢) نظر ، لاستلزامه اتحاد الدال والمدلول ، أو تركّب القضية من جزءين ، كما في الفصول (٣).
______________________________________________________
للخلف أي : عدم اللفظ المهمل ، ضرورة : اشتراك جميع الألفاظ في هذه الدلالة أي : الدلالة الوضعية ، فلا يصح تقسيم اللفظ إلى الموضوع والمهمل ، فلا بدّ من الالتزام بكون الاستعمال منوطا بالطبع ؛ لئلا يلزم محذور الخلف بانتفاء المهمل.
ويمكن الاستدلال بالقياس الاستثنائي على كون إطلاق اللفظ بالطبع لا بالوضع بأن يقال : لو كان إطلاق اللفظ وإرادة النوع مثلا بالوضع لكانت الألفاظ المهملة موضوعة للنوع أو الصنف. والتالي باطل فالمقدم مثله ، والملازمة ثابتة فيما إذا كان استعمال اللفظ المهمل في النوع أو الصنف بالوضع.
وأمّا بطلان التالي : فللزوم الخلف ؛ لأن الوضع في الألفاظ المهملة هو خلاف المفروض ، لأنّ المفروض : أنّها مهملة. اللهم إلّا إن يقال : بأنّ وضع الألفاظ المهملة للنوع والصنف والمثل لا ينافي إهمالها ؛ لأنّ المهمل ما ليس له معنى ولم يوضع لمعنى أصلا ، فوضعها للألفاظ المخصوصة لا يخرجها عن الإهمال بالمعنى المذكور ، فحينئذ التالي ليس باطلا ، كي ينتج بطلان المقدم.
(١) أي : نفس الزاء والياء والدال الصادر من اللافظ فعلا.
(٢) أي : بدون تأويل إلى النوع أو المثل ، وهذه العبارة موجبة لتوهم صحة الإطلاق ، وإرادة الشخص مع التأويل ؛ مع إنه ليس كذلك ، لخروجه حينئذ عن إرادة شخص اللفظ.
(٣) توضيح ما في الفصول (*) من الإشكال على إطلاق اللفظ وإرادة شخصه يتوقف على مقدمة وهي :
أنّ القضية اللفظية مركبة من أجزاء ثلاثة :
١ ـ موضوع. ٢ ـ محمول. ٣ ـ نسبة وهي حاكية عن القضية الذهنيّة.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول : إنّ موضوع القضية في قولنا : «زيد لفظ» هو لفظ زيد شخصه ومحمولها هو لفظ. وعليه : فإن التزم بوجود الدال في القضية أعني «زيد لفظ» وهو الموجب لانتقال صورة المدلول في الذهن ، لزم اتحاد الدال والمدلول ، إذ المدلول ليس إلّا نفس موضوع القضية اللفظية وهو لفظ «زيد» ، والمفروض : أنّه هو الدال ، فيكون
__________________
(*) الفصول الغروية ، ص ٢٢ ، س ٣٨.