وأمّا ما (١) حكي عن العلمين الشيخ الرئيس ، والمحقق الطوسي (*) من مصيرهما إلى أن الدلالة تتبع الإرادة فليس ناظرا إلى كون الألفاظ موضوعة للمعاني بما هي مرادة ، كما توهمه بعض الأفاضل (٢) ، (**) بل ناظر إلى أن دلالة الألفاظ على معانيها بالدلالة التصديقية (٣) ، أي : دلالتها (٤) على كونها مرادة للافظها تتبع إرادتها منها.
وتتفرع (٥) عليها تبعية مقام الإثبات للثبوت ، وتفرع الكشف على الواقع
______________________________________________________
الموضوع له في عامة الألفاظ ، وهو باطل بالضرورة.
(١) قوله : «وأمّا ما حكي عن العلمين» دفع للتوهم أي : أما توهم صاحب الفصول فيما ـ «حكي عن العلمين من مصيرهما إلى أن الدلالة تتبع الإرادة» ـ ففهم من كلامهما أن الألفاظ موضوعة لخصوص المعاني المقيدة بالإرادة فليس بشيء ، لأن المحكي عنهما ليس ناظرا إلى القول بكون الألفاظ موضوعة للمعاني المقيّدة بالإرادة ، بل إنّه ناظر إلى الدلالة التصديقية وهي دلالة الكلام على إرادة المتكلم تفهيم المعنى وقصده له ، لا الدلالة التصورية التي هي محل الكلام وهي مجرد خطور المعنى في الذهن من سماع اللفظ.
فالحاصل : أن مراد العلمين ليس هو أخذ الإرادة في المعنى وتبعية الدلالة لها تصورا ، بل مرادهما تبعية الدلالة التصديقية لها وهو مما لا شبهة فيه كتبعية مقام الإثبات عن مقام الثبوت ، والكاشف عن المنكشف ؛ لأن كشف الكلام عن تحقق الإرادة متفرع على أصل تحققها وثبوتها ، إلّا إن هذا ليس من محل النزاع ، فلا ينافي ما التزمنا به من عدم الوضع للمعاني بما هي مرادة.
(٢) أي : صاحب الفصول. وقد عرفت دفع هذا التوهم.
(٣) أي : وهي دلالة الكلام على إرادة المتكلم مدلول الكلام بالإرادة الجدية ولا شك في أنها تابعة للإرادة أي : تابعة لإرادة المتكلم للمعاني من الألفاظ ، ولكن كون دلالة الألفاظ على معانيها بالدلالة التصديقية تابعة للإرادة ليس محل الكلام وما هو محل الكلام من دلالة الألفاظ على معانيها بالدلالة التصورية ليس تابعا للإرادة ، لأنها قهرية بعد العلم بالوضع ؛ فلا تتوقف على غير العلم بالوضع.
(٤) أي : دلالة الألفاظ على كون المعاني «مرادة» للافظ الألفاظ تتبع إرادة المعاني من الألفاظ.
(٥) أي : تتفرع الدلالة التصديقية على الإرادة «تبعية مقام الإثبات للثبوت» أي : كما
__________________
(*) الإشارات والتنبيهات ، ج ١ ، ص ٢٨ ـ ٢٩.
(**) الفصول الغروية ، ص ١٧ ، س ٤٠.