بمزاياها (١) الخاصة من تأكيد وحصر وغيرهما نوعيا بداهة (٢) : أن وضعها (٣) كذلك واف بتمام المقصود منها كما لا يخفى ؛ من غير حاجة إلى وضع آخر لها بجملتها ، مع استلزامه (٤) الدلالة على المعنى تارة : بملاحظة وضع نفسها (٥) ، وأخرى : بملاحظة وضع مفرداتها ، ولعل المراد من العبارات الموهمة لذلك (٦) هو : وضع الهيئات على حدة غير وضع المواد لا وضعها بجملتها ، علاوة على وضع كل واحد منهما.
______________________________________________________
(١) أي : بمزايا النسب والإضافات الخاصة ـ ومزاياها هي التأكيد والحصر وغيرهما ، كما في علم البلاغة ـ مثل قولهم : إن زيدا القائم يفيد التأكيد ، وليس زيد إلّا شاعرا يفيد الحصر ، و (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ) النساء : ٣٤ ؛ يفيد العموم ، وكذا جاءني رجال القوم .. الأوّل : لأجل كون الجمع محلى بالألف واللام ، والثاني : لأجل إضافة الجمع إلى المحلى بالألف واللام. فوضع الهيئات في الأمثلة المذكورة نوعي.
(٢) هذا بيان وتوضيح لقوله : «ضرورة عدم الحاجة ...» إلخ.
(٣) أي : وضع المركبات «كذلك» أي : بموادها شخصيا وبهيئاتها نوعيا «واف بتمام المقصود» من المركبات ، فلا حاجة إلى وضع آخر لها «بجملتها» أي : بمجموعها.
(٤) أي : مع استلزام وضع آخر ـ وهذا هو المحذور الثاني الذي تقدم ذكره ـ وملخصه : أنه يلزم من وضع آخر دلالة اللفظ على معناه مرتين وهو خلاف الوجدان.
(٥) أي : نفس المركبات باعتبار مجموعها ، وأخرى : بملاحظة وضع مفردات المركبات.
فيلزم أن يكون هناك وضع ثالث :
١ ـ وضع المركبات بملاحظة مفرداتها مادة. ٢ ـ وضعها بملاحظة مفرداتها هيئة.
٣ ـ وضعها بملاحظة نفسها أي : المجموع من حيث المجموع ، فيلزم ما ذكرناه من عدم الحاجة واللغوية ، ومن دلالة اللفظ على معناه مرتين.
فالوضع الثالث يكون عبثا ، مضافا إلى كونه مخالفا للوجدان.
(٦) أي : لوضع المركب بجملته ، غرضه هو : توجيه العبارات الموهمة لوضع آخر للمركب من حيث المجموع ، وحاصل التوجيه : أن يكون النزاع لفظيا بمعنى : أن القائل بوضع مجموع المادة والهيئة يقول بوضع الهيئة القائمة بالمسند والمسند إليه وضعا على حدة ، وهو الوضع الثاني عند القائل بعدم وضع للمجموع من حيث المجموع ، ففي الحقيقة لا نزاع في البين حيث إن المنكر أنكر الوضع الثالث ، واعترف بالوضع الثاني. ومراد المثبت لوضع المجموع بوضع على حدة هو : الوضع الثاني لا الوضع الثالث ، فيكون النزاع في الحقيقة لفظيا.