وفيما إذا جهل (١) التاريخ ، ففيه إشكال ، وأصالة (٢) تأخر الاستعمال مع معارضتها بأصالة تأخّر الوضع لا دليل على اعتبارها تعبّدا ، إلّا على القول بالأصل المثبت.
ولم يثبت بناء من العقلاء على التأخر مع الشك (٣) ، وأصالة عدم النقل (٤) إنّما
______________________________________________________
(١) بأن علم أن النبي «صلىاللهعليهوآله» قد استعمل لفظ الصلاة في معناها الشرعي ولكن لم يعلم أن هذا الاستعمال كان قبل حصول النقل ليكون مجازا ، أو بعده كي يكون حقيقة «ففيه إشكال» أي : ففي حمل اللفظ الواقع في كلام الشارع على المعنى الشرعي على القول بالثبوت ، وعلى المعنى اللغوي على القول بعدم الثبوت إشكال.
(٢) قوله : «وأصالة تأخر الاستعمال» دفع لما يدّعى من أنه يمكن إثبات كون الاستعمال بعد الوضع ، ليحمل اللفظ على المعنى الشرعي بأصالة تأخر الاستعمال ، لأن الاستعمال أمر حادث فتجري فيه أصالة تأخر الحادث لإثبات تأخره عن الوضع.
وحاصل الدفع : أن هذا الأصل مردود لوجهين :
الأول : أنه معارض بأصالة تأخر الوضع عن الاستعمال فإنه أمر حادث أيضا. وقد أشار إلى هذا الوجه بقوله : «مع معارضتها بأصالة تأخر الوضع».
الثاني : أنه من الأصول المثبتة ، لأن مرجع هذا الأصل إلى استصحاب عدم الاستعمال إلى حين الوضع ولازمه العقلي هو تأخر الاستعمال عن الوضع وثبوته بعده ، فيكون هذا الأصل مثبتا ، ولا دليل على اعتباره تعبدا إلّا على القول بالأصل المثبت حيث لا دليل على اعتباره إلّا بناء العقلاء في موارد مخصوصة ليس المقام منها. وقد أشار إلى هذا الوجه بقوله : «لا دليل على اعتبارها تعبّدا إلّا على القول بالأصل المثبت».
(٣) أي : لم يثبت بناء العقلاء على أصالة التأخر مع الشك فيه ، فعلى هذا لا يكاد يصح حمل تلك الألفاظ الواقعة في كلام الشارع على المعاني الشرعية ، مع الشك في تقدم استعمالها على نقلها عن المعاني اللغوية إلى المعاني الشرعية وتأخره عنه.
(٤) قوله : «وأصالة عدم النقل» يمكن أن يكون دفعا لما يقال من أن أصالة عدم النقل تكفي دليلا على حمل تلك الألفاظ على معانيها اللغوية ، وذلك بمعنى : أنه يستصحب عدم النقل إلى ما قبل الاستعمال فإنه أصل عقلائي ، وهو المسمى بالاستصحاب القهقري ، ويثبت به تأخر النقل واستعمالها في معانيها اللغوية.
وحاصل الدفع : أنّ أصالة عدم النقل لم يثبت اعتبارها إلّا في أصل النقل أي : مع الشّك في أصل النقل ، وأمّا مع العلم به والشك في تقدمه وتأخره فلم يثبت اعتبارها