وقوله عليهالسلام ، لمّا قال له عبد العزيز بن المهتدي : ربّما أحتاج ولست ألقاك في كلّ وقت ، أفيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه معالم ديني؟ قال : (نعم) (١).
وظاهر هذه الرواية أنّ قبول قول الثقة كان أمرا مفروغا عنه عند الراوي ، فسأل عن وثاقة يونس ، ليترتّب عليه أخذ المعالم منه.
ويؤيّده في إناطة وجوب القبول بالوثاقة ما ورد في العمريّ وابنه اللذين هما من النوّاب والسفراء ، ففي الكافي في باب النهي عن التسمية :
عن الحميريّ عن أحمد بن إسحاق ، قال سألت أبا الحسن عليهالسلام وقلت له : من أعامل ، وعمّن آخذ ، وقول من أقبل؟ فقال عليهالسلام له : (العمريّ ثقتي فما أدّى إليك عنّي فعنّي يؤدّي ، وما قال لك عنّي فعنّي يقول ، فاسمع له وأطع ، فإنّه الثقة المأمون). وأخبرنا أحمد بن إسحاق أنّه سأل أبا محمّد عليهالسلام ، عن مثل ذلك ، فقال له : (العمري وابنه ثقتان ، فما أدّيا إليك عنّي فعنّي يؤدّيان ، وما قالا لك فعنّي يقولان ، فاسمع لهما ، وأطعهما ، فإنّهما الثّقتان المأمونان) (٢) الخبر.
وهذه الطائفة ـ أيضا ـ مشتركة مع الطائفة الاولى في الدلالة على اعتبار خبر الثقة
____________________________________
(عليك بزكريا بن آدم) ، وغيرها ممّا ذكره المصنّف رحمهالله في المتن.
وهذه الروايات تدل دلالة واضحة على حجّيّة خبر الثقة ، ولا يرد عليها بأنّها أخبار آحاد ، فلا يمكن الاستدلال بها على حجّية أخبار الآحاد ؛ لأنّها متواترة معنى ، وإن لم تكن كذلك لفظا.
وذلك ؛ لأنّ كل واحدة من هذه الأخبار تكون بصدد بيان معنى واحد ، وهو حجّيّة خبر الثقة ، فليس إثبات حجيّة خبر الواحد بها من قبيل إثبات حجّية خبر الواحد بخبر الواحد ، بل يكون إثبات حجّية خبر الواحد بالمتواتر.
وبالجملة ، إنّ المستفاد من هذه الأخبار هو حجّية قول الأصحاب والرواة ، وإلّا لم يكن معنى لإرجاع بعضهم إلى بعض.
(وهذه الطائفة ـ أيضا ـ مشتركة مع الطائفة الاولى في الدلالة على اعتبار خبر الثقة
__________________
(١) رجال الكشّي ٢ : ٧٨٤ / ٩٣٥ ، باختلاف يسير. الوسائل ٢٧ : ١٤٧ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١١ ، ح ٣٣.
(٢) الكافي ١ : ٣٣٠ / ١.