وقوله صلىاللهعليهوآله : (ستكثر بعدي القالة) (١) ، (وإنّ من كذب عليّ فليتبوّأ مقعده من النّار) (٢).
وقول أبي عبد الله عليهالسلام : (إنّا أهل بيت صدّيقون ، لا نخلو من كذّاب يكذب علينا) (٣).
وقوله عليهالسلام : (إنّ الناس اولعوا الكذب علينا ، كأنّ الله افترض عليهم ولا يريد منهم غيره) (٤). وقوله عليهالسلام : (لكلّ منّا من يكذب عليه).
فإنّ بناء المسلمين لو كان على الاقتصار على المتواترات لم يكثر القالة والكذّابة ، والاحتفاف بالقرينة القطعيّة في غاية القلّة. إلى غير ذلك من الأخبار التي يستفاد من مجموعها رضاء الأئمّة عليهمالسلام بالعمل بالخبر وإن لم يفد القطع.
____________________________________
(وقوله صلىاللهعليهوآله : (ستكثر بعدي القالة ، وإنّ من كذب عليّ فليتبوّأ مقعده من النار).
وقد أخبر النبي صلىاللهعليهوآله عن كثرة الكاذبين والدسّاسين بعده ، أي : ستكثر القالة ، أي : الكاذبون الذين يسندون أكاذيبهم إلى النبي صلىاللهعليهوآله ، بعنوان الأخبار النبوية.
ووجه دلالة هذه الأخبار على المقام يظهر من قول المصنّف رحمهالله ، حيث قال : (فإنّ بناء المسلمين لو كان على الاقتصار على المتواترات لم تكثر القالة والكذّابة ... إلى آخره) ، إذ لو لم يكن خبر الواحد حجّة لكان جعل الأخبار الكاذبة من الكذّابين لغوا ، إذ لم يعمل بها أحد.
وقوله : (والاحتفاف بالقرينة القطعية في غاية القلّة) دفع لما يتوهّم من أنّ بناء المسلمين لم يكن على العمل بكل خبر وإن لم يكن مفيدا للعلم ، بل كانوا يعملون بالخبر المحفوف بالقرائن المفيدة للعلم ، والكذّابون كانوا يجعلون الأخبار الكاذبة برجاء صيرورتها عند المسلمين محفوفة بالقرائن أو مخلوطة معها ، فيعملون به.
فدفع المصنّف رحمهالله هذا التوهّم بما حاصله : إنّ احتفاف الخبر بالقرينة القطعية أمر نادر جدا ، فيكون اختراع الأخبار بهذا الرجاء لغوا.
ثمّ الاستدلال بهذه الطوائف الأربعة المتقدّمة لا يصح إلّا بعد ثبوت تواترها ، لتكون
__________________
(١) المعتبر : ٦.
(٢) الكافي ١ : ٦٢ / ١. الفقيه ٤ : ٢٦٤ / ٨٢٤.
(٣) رجال الكشّي ٢ : ٥٩٣ / ٥٤٩.
(٤) رجال الكشّي ١ : ٣٤٧ / ٢١٦.