فقد استدلّ على مذهب الإماميّة بذكرهم لأخبار المضايقة وذهابهم إلى العمل برواية الثقة ، فاستنتج من هاتين المقدّمتين ذهابهم إلى المضايقة.
وليت شعري ، إذا علم ابن ادريس أنّ مذهب هؤلاء ـ الذين هم أصحاب الأئمّة عليهمالسلام ، ويحصل العلم بقول الإمام عليهالسلام من اتّفاقهم ـ وجوب العمل برواية الثقة ، وأنّه لا يحلّ ترك العمل بها ، فكيف تبع السيّد في مسألة خبر الواحد؟
إلّا أن يدعي أنّ المراد بالثقة من يفيد قوله القطع ، وفيه ما لا يخفى.
أو يكون مراده ومراد السيّد قدسسرهما من الخبر العلميّ ما يفيد الوثوق والاطمئنان ، لا ما يوجب اليقين ، على ما ذكرناه سابقا في الجمع بين كلامي السيّد والشيخ قدسسرهما.
ومنها : ما ذكره المحقّق في المعتبر ، في مسألة خبر الواحد ، حيث قال : «أفرط الحشويّة في
____________________________________
ومن هنا يمكن أن يستدل على إجماع الإمامية على وجوب الفور بعد ثبوت الأمرين :
الأوّل : ذكرهم هذه الأخبار في كتبهم.
والثاني : ذهابهم إلى العمل برواية الثقة ، وعدم جواز ردّها.
فاستنتج ابن ادريس من هاتين المقدّمتين ـ أي : ذكرهم أخبار المضايقة وذهابهم إلى العمل برواية الثقة ـ إجماعهم على المضايقة.
ثمّ يردّ المصنّف رحمهالله ما ذكره ابن ادريس من إجماع الإمامية على العمل بأخبار المضايقة ، حيث يقول متعجبا : كيف يدّعي الإجماع على عدم جواز ردّ خبر الثقة ، وعمل الأصحاب بأخبار المضايقة ، مع أنّه تبع السيّد المرتضى في عدم حجّية خبر الواحد؟
(إلّا أن يدّعي أنّ المراد بالثقة من يفيد قوله القطع).
نعم ، إلّا أن يقال : إنّ مراد ابن ادريس من الخبر الموثوق هو الخبر المقطوع ، وأنّ أخبار المضايقة عنده مقطوعة الصدور.
(وفيه ما لا يخفى) وذلك لأنّ إطلاق الثقة على من يفيد قوله القطع خلاف الظاهر ، فلا يمكن الالتزام به إلّا بالقرينة.
(أو يكون مراده ومراد السيّد قدسسرهما من الخبر العلمي ما يفيد الوثوق والاطمئنان لا ما يوجب اليقين) وحينئذ لا ينافي كونه موافقا للسيّد المرتضى قدسسره ما ادّعاه من الإجماع على عدم جواز رد خبر الثقة وحجّيته بإجماع الإمامية على العمل به.